خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

الحميمة.. دافئ التاريخ القادم من رم

1474164969AB1
طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
أبواب - د. محمد عبده حتاملة

استاذ علم التاريخ في الجامعة الأردنية

الحميمة قرية أثرية تقع على السفح الجنوبي لجبل الحميمة الذي يبلغ ارتفاعه 1237م، وتوجد في حوض الحميمة المجاور لحوض القويرة المجاورين لمنطقة رم من جهة الغرب، وهي إلى الغرب من الطريق الواصل بين معان والعقبة بعد تجاوز انحدار النقب إلى الأرض شبه المستوية. وتقع على بعد 50 كم إلى الجنوب الغربي من أذرح، وعلى بعد نحو 65 كيلومتراً من العقبة، وتبعد عن البتراء حوالي 50 كم.

الحميمة «قرية من كور دمشق من أعمال البلقاء» هجرها أهلها بمرور الزمن، وبنوا قرية جديدة اسمها الحميمة الجديدة تقع على الطريق العام (الصحراوي) بين معان والعقبة بمحاذات الحميمة القديمة.

و»بلفظ تصغير الحمّة»، إذ يضبط اسمها: بضم الحاء، وفتح الميم، وسكون الياء، وميم مفتوحة. والحميم والحميمة في اللغات السامية تعني المكان الدافئ، أو الحار. وكانت في العهد النبطي والروماني تعرف باسم الحوراء Avara، وقد أخذت هذه التسمية من لون الصخور البيضاء التي تكثر هناك، وتسمى (الحور)، وعُرفت أيضاً بـ (حوراء الأنباط).

بنى الأدوميون الحميمة، وازدهرت في عهدهم، وازدهرت ازدهاراً في عهد الأنباط الذين حكموا جنوبي الأردن أكثر من أربعمائة عام، ففي عهدهم صارت إحدى المحطات الرئيسة لاستقبال القوافل التجارية القادمة من الجزيرة العربية، المتجهة شمالاً وغرباً إلى الشام ومصر. وقد ازدادت تألقاً وعمراناً في عهد الحارث الثالث (87 ق.م- 62 ق.م) ومالك الأول (62 ق.م- 30 ق.م)، حيث زودها هذان الملكان النبطيان بالمياه عبر قنوات من الينابيع المجاورة. كما تزودت بالمياه من الآبار التي حفرها الأنباط، ومن البرك التي أنشأوها لتجميع مياه الأمطار.

وتقع الحميمة فلكياً على خط الطول 35 درجة شرقاً ودائرة العرض 29 درجة و57 دقيقة شمالاً، بينما تقع الحميمة الجديدة فلكياً على خط الطول 35 درجة و25 دقيقة شرقاً ودائرة العرض 29 درجة و54 دقيقة شمالاً.

وتتبع الحميمة إدارياً لواء القويرة أحد ألوية محافظة العقبة وتضمها بلدية القويرة الجديدة التي تضم بالإضافة إلى القويرة والحميمة: الراشدية والعسيلة والعباسية.

وأدت وفرة المياه في الحميمة إلى انتعاش زراعتها، فقد كثرت فيها البساتين والكروم والخضراوات، وكان أهلها يربون المواشي إلى جانب عملهم في الزراعة والتجارة مما جعلها تتقدم عمرانياً وحضارياً بسرعة فائقة.

وسقطت الحميمة في يد الرومان عام 106م على يد الإمبراطور تراجان (98-117م)، إلا أنها ظلت تمارس دورها التجاري والزراعي حتى القرن الرابع الميلادي. بل زادها أهمية مرور الطريق الروماني المعروف باسم طريق تراجان عبر أراضيها، حيث كانت القوافل التجارية المارة عبر هذه الطريق تجد في الحميمة الراحة والأمن والماء وما تحتاج إليه من زاد، مثلما تجد وسيلة للاتصال بعد أن جعل الرومان من الحميمة محطة للبريد.

وكانت الحميمة عندما فتحها المسلمون مدينة مزدهرة عامرة بالخيرات، وظلت كذلك في العصر الراشدي والأموي، وقد أقطعها الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك بن مروان (85-96هـ/705-715م) لعلي بن عبدالله بن العباس وأنزله فيها سنة 95هـ/713م فاتخذها دار إقامة، وبنى فيها قصراً، وكانت له فيها دار للضيافة والكثير من مزارع الزيتون.

وكانت الحميمة منطلق الدعوة العباسية التي أدت إلى تولي العباسيين الحكم بعد نجاح انقلابهم على الأمويين سنة 132هـ/750م، فقد وفرت لدعوتهم الأمن بسبب بعدها عن دمشق عاصمة الأمويين، كما وفرت المكان المناسب والموقع المثالي لانطلاق الدعوة بسبب وقوعها على طريق الحج الشامي وفي ممر التجار. فكان الدعاة يجتمعون مع العباسيين فيها لتلقي التعليمات والإرشادات، ثم ينطلقون إلى الكوفة وخراسان لبث الدعوة دون أن يحس بهم الأمويون، وبذلك اشتعلت نار الثورة العباسية ضد الأمويين في خراسان والعراق، وانتهت برفع الراية العباسية السوداء فوق أسوار دمشق.

لقد غادر العباسيون بعد نجاح دعوتهم الحميمة إلى الكوفة ثم إلى بغداد حيث اتخذوها عاصمة لهم، وأدى ذلك إلى تراجع الحميمة حتى أصبحت أطلالاً تخيم فيها بين حين وآخر بعض عشائر الحويطات. وأصبحت الحميمة القديمة منذ القرن التاسع عشر الميلادي أكواماً من الحجارة لا يدل على عظمتها وازدهارها السابقين إلا تلك الآثار الباقية وخاصة البرك التي أنشئت لتجميع مياه الأمطار.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن ثلاثة من خلفاء بني العباس ولدوا في الحميمة وهم: أبو العباس السفاح أول الخلفاء العباسيين، وأبو جعفر المنصور، والمهدي بن المنصور؛ والد هارون الرشيد الذي يعد أشهر أولئك الخلفاء.

وهكذا اندثرت الحميمة القديمة بعد أن تعاقبت عليها حضارات الأدوميين والأنباط والرومان والمسلمين الأوائل، وظل فيها ما يدل على تعاقب تلك الحضارات وخاصة النبطية، حيث توجد فيها آثار لأبنية تشبه أبنية البتراء في طرازها. ومن هذه الأبنية: القنوات والسدود والآبار والبرك والخزانات. وفي الحميمة أيضاً آثار كنيسة بيزنطية، ومخازن ومستودعات لتخزين الأعلاف والمؤن. وليس من شك في أن هناك آثاراً كثيرة ما تزال مدفونة تحت الرمال، تحتاج إلى من يكشفها.

أما الحميمة الجديدة فقد أقيمت على الخط الدولي الصحرواي الذي يقسمها قسمين: شرقي وغربي، ويبلغ عدد سكانها (387) نسمة، وينتمي هؤلاء السكان إلى عشيرة البدول، وهم بطن من الحويطات، ومن أفخاذهم: آل الفقير والسماحين والحمد والموسى والجذيلات. وتتوافر في الحميمة بعض الخدمات العامة، ففيها ست مدارس للذكور والإناث، ومكتب بريد، ومركز صحي.
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF