عبدالهادي راجي المجالي
في السجون هناك شخص إسمه (شاويش المهجع) , وهو دور مهم يناط بأكثر المساجين خبرة ودراية وأطولهم محكومية , ولا بد من توافر بعض الشروط في (الشاويش) منها مثلا , رضى رجال الأمن عنه ..وقدرته على حل الخلافات بين المساجين , ناهيك عن امتلاكه مسافة واحدة تجاه الجميع .
حين تدخل يستقبلك شاويش المهجع , ويقدمك للرفاق ..ثم يعطيك السرير الخاص بك (والمخدة ) ...ويتم تعريفك على (السويت) الذي ستقطن به , فأنت مثلا من المهم أن تعرف سطل الغسيل , و(المنشر) ..من المهم أيضا أن تقوم بعمل خيط صغير , يربط فوق سريرك , تعلق عليه بعض الملابس أو بعض المقتنيات ...
بعد التعرف على الشباب , رفاقك في (السويت) لا بد من أن يقترب أحدهم منك ويهمس قائلا :- (شو قضيتك أستاذ ؟) ...فتخبره , وتصر على أنك مظلوم طبعا, جميع من يقطنون (السويت) معك بالضرورة أن يكونوا من المظلومين ...
تمر الأيام , وأكثر العلاقات سرعة هي علاقات (المساجين) ببعضهم ..أنا مثلا كان لي رفيق في المهجع لقبه (لمبه ) ..قال لي في البداية أنه محكوم بقضية شيك بدون رصيد وبعد توطد المعرفة تبين أن (لمبه) لديه (32) قضية نصب واحتيال ...ولكنه وعدني أنه حين يخرج من السجن , فلن يقوم بالنصب علي ...
المهم أن الخلافات التي تنشأ في المهجع تحل على الفور , وأتذكر أني ذات مرة وقفت حين اندلع خلاف بين (لمبه) ..وسجين اخر لقبه (سندس) ...وصرخت بأعلى صوتي فيهم :- (وحدوا الله يا شباب) ..ثم طلبت من الجميع أن نصلي ركعتين وأنا بالطبع كنت الإمام , وبعد ذلك قمت بحل الخلاف ..ووزعت علبة سجائر على الرفاق بعد التوصل إلى تسوية ضمنت حفظ ماء وجه (لمبه) و(سندس) ..
في الليل , كان ينقسم المهجع إلى شقين , الشق الأول يجلسون في الأسرة العلوية وهم النصابون ... ويتحدثون , عن أخطاء تكتيكية ارتكبت أثناء عملية النصب , وفي الأسرة السفلية يجلس المتزوجون ,ونبدأ بتذكر الأولاد ..وكل واحد منا يحدث الاخر عن أولاده وحجم الأشتياق ...والمشاريع التي كنا سننجزها سويا ولكن السجن حال دون ذلك ...
[email protected]