رأينا
فيما تتواصل زيارة العمل التي يقوم بها جلالة الملك عبدالله الثاني للمملكة المتحدة، جاءت مباحثات جلالته مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، لتضيء على حجم وطبيعة الجهود التي يبذلها جلالته من اجل خدمة القضايا الوطنية والاقليمية ويعيد الاعتبار الى أولويات المنطقة التي تريد قوى عديدة اقليمية واخرى ذات اجندات ارهابية معروفة تغييرها أو العبث بها، الأمر الذي اعاد جلالته التذكير به وبخاصة في ضرورة محاربة الارهاب ضمن استراتيجية شمولية، كون خطره يُشكّل تهديداً لمنظومة الامن والسلم العالميين وايضا، وهذا يكتسب أهمية اضافية في الظروف الاقليمية والدولية الراهنة، ضرورة تكثيف الجهود لتحريك عملية السلام، بما يفضي لاعادة اطلاق مفاوضات جادة وفاعلة بين الفلسطينيين والاسرائيليين، استنادا الى حل الدولتين باعتباره الحل الوحيد لانهاء الصراع..
ولأن جلالته حذر مراراً وتكراراً من مغبة الالتفاف على حل الدولتين، او دفعه الى اسفل الاجندة الدولية والاقليمية فانه لفت الى مسألة غاية في الاهمية وهي ان اي طروحات لا تستند الى حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية المعتمدة، ستكون لها تداعيات خطيرة على أمن المنطقة واستقرارها.
وإذ جرى في محادثات جلالة الملك ورئيسة الوزراء البريطانية استعراض تطورات الاوضاع الاقليمية والازمات التي تعصف ببعض دولها، فان اللقاء شكل فرصة لاعادة التأكيد على الرؤى والقرارات الاردنية لهذه الازمات وبخاصة في شأن الازمة السورية حيث اكد جلالته ضرورة البناء على الجهود الدولية لتثبيت وقت اطلاق النار، تمهيداً لايجاد حل سياسي ضمن مسار مفاوضات جنيف المنعقدة حالياً، كذلك في أهمية وضرورة دعم الجهود المستهدفة ارساء الأمن والاستقرار في العراق واليمن وليبيا.
زيارة العمل الملكية للمملكة المتحدة وما يرافقها من لقاءات ومباحثات مع مختلف الاطياف الحكومية والبرلمانية البريطانية اسهمت في الاضاءة ايضا على حجم الأعباء الكبيرة التي يتحمّلها الأردن جرّاء أزمة اللجوء السوري وما تسبّبه من ضغوط على الاقتصاد الأردني ودعوة جلالة الملك الى أهمية متابعة مخرجات مؤتمر لندن للمانحين والتزام الجهات المانحة تنفيذ تعهداتها تجاه الاردن والدول المستضيفة الاخرى، في الوقت ذاته ثمّن فيه جلالته دور المملكة المتحدة في مساعدة الأردن وتمكينه من تقديم الخدمات الإنسانية والاغاثية للاجئين السوريين على أراضيه..
كذلك فان زيارة العمل الملكية لبريطانيا اسهمت في تعزيز وتطوير علاقات التعاون والشراكة في شتى الميادين بين عمّان ولندن وبخاصة انها المرة الأولى التي يلتقي فيها جلالته برئيسة الوزراء البريطانية كما قالت هي نفسها لمناقشة العلاقات الثنائية ووجود الكثير من الموضوعات التي سيتم بحثها وبالاخص التاريخ الطويل من العمل معاً والتعاون بين المملكتين الأردنية والمتحدة، ما يؤكد بالفعل ما ذهبت إليه السيدة ماي عندما قالت: تجمعنا مصالح مشتركة لنعمل معاً في القضايا الأمنية والتنمية الاقتصادية.
لقاءات جلالته المكثفة والمتواصلة في زيارة العمل الملكية الراهنة لبريطانيا، شملت لقاء مهماً مع رؤساء وأعضاء عدد من اللجان في مجلسي العموم واللوردات في البرلمان البريطاني كان جلالة الملك حريصاً خلالها على وضع من التقى بهم في صورة ما يجري في المنطقة والقضايا الاقليمية ذات الصلة وفي مقدمتها الحرب على الارهاب وعملية السلام، والازمة السورية كذلك في تذكير المُشرّعين البريطانيين بضرورة متابعة مؤتمر لندن للمانحين الذي عقد قبل عام من الآن (شباط 2016)، والتزام الجهات المانحة في تنفيذ تعهداتها لمساعدة الدول المضيفة للاجئين السوريين وفي مقدمتها الأردن، في الوقت عينه الذي حذّر فيه جلالته وهو يدعو إلى محاربة الإرهاب ضمن استراتيجية شمولية من ظاهرة الخوف من الإسلام، وعزل المجتمعات الإسلامية في الغرب، حتى لا يستخدمها المتطرفون كوسيلة لتغذية أجندتهم الإرهابية، وضرورة احتواء خطاب الكراهية ومعاداة الإسلام لمنع الفتنة وحماية الجاليات الإسلامية في الغرب من التطرف.
زيارات جلالة الملك والمحادثات التي يجريها مع زعماء الدول التي يزورها واللقاءات التي يعقدها تستهدف خدمة المصالح الاردنية العليا والدفاع عن القضايا العربية والإسلامية نظراً لما تمثله جهود جلالة الملك وصوته وحضوره من دفاع عن الحق العربي والإسلامي ومنطق الحكمة والاعتدال والسلام.