خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

الحصاد !

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. لانا مامكغ عند بوابة أحد المخيّمات في دولةٍ أجنبية، حيث بدأت العائلات بالتجمّع استعداداً لرحلة برية، كان ثمّة كلبٌ ضخم مستلقي بكسل، فانشغل الأطفال به، هذا يربّتُ عليه، وتلك تقدّم له الطّعام، وطفلٌ ثالث يداعبه بمرح، إلى أن انطلقوا إلى وجهتهم، فعاد الكلب إلى قيلولته... وهكذا إلى أن وصلت عائلة عربية، لأفاجأ بأطفالها، وفي اللحظة التي لمحوا فيها المخلوق، يتناولون حجارةً ويبدأون بإلقائها تجاهه... خطر لي تنبيه الأم، فبدت منهمكة في تصفّح هاتفها... في الوقت الذي بدا فيه الزّوج سارحاً في سّائحةٍ ذات ملابسَ مختصرة !

وأذكر أني كنتُ في طريقي ذات يوم لمقابلة عمل، حين لفتني صبيّ على حمار... وبدا الأمر عادياً لولا أنه كان ممعناً في ضرب المخلوق بعصاً في يده، ومع ضيق الوقت، وجدتني أمام خيارين، إما التّجاهل والمضيّ إلى الموعد، أو... ودون تفكير توقّفت لأسأل الشّقي الصّغير: « لماذا تضربُه ؟ « ولم يجب ! وأضفت: « هل تعلم أنّه يتألم مثلنا تماماً ؟ « ولم يعلّق !

ووقعت في حيْرة من أمري، فقلت مرّة أخرى: « هل تعلم أنّ الله غاضبٌ منك الآن؟ « فرمشَ مرّتين، وفتح فمه مندهشاً... هنا، قرّرتُ إنهاء الحوار الأحادي بأن توسّلت إليه ألا يكرّر فعلته، ومضيت !

وحدث أن شاهدتُ مادّة فلمية صوّرها أحد المهتمّين موثّقاً للعنف الذي تتعرّض له الخراف خلال موسم الأضاحي، إذ تُحشر في المركبات لتُلقى منها بقسوة، ومنها ما يُذبح أمام أخرى بما يُخالف أدبيات الذّبح الإسلامي... والمفارقة، أن هذا يُمارس في العيد الكبير للمسلمين... ولقد ثبت علمياً أن الماشية حين تخاف؛ تُفرز أجسادُها مادّة سامة تختلط مع لحمها الذي نتناوله لاحقاً !

كما عرض مشاهدَ أخرى لصبية وأطفال يتّسلون بتعذيب صغار الحمير والقطط في بعض الأحياء، ليؤكّد أنّ تلك المخلوقات تملك أجهزة عصبيّة حسّاسة مثلنا تماماً، بمعنى أنها تتألم وتستغيث... ونقرّر نحن ألا نسمعها....

المُراد ممّا سبق هو الإشارة إلى أنّ تغاضينا عن إساءات الصّغار العابرة لتلك الحيوانات؛ يحوّلهم إلى ( متنمّرين ) في المدارس فيما بعد، وإلى نجوم للعنف في البيئات الجامعية لاحقاً، ثم إلى (معنّفين ) داخل أسرهم المستقبلية ، أو إلى أعضاء فاعلين في كلّ تنظيم أسود يحتفي بالعنف ويباركه !

إنه الحصاد الذي سنجنيه في زمنٍ قادم إذا ما استهنّا بتلك المقدّمات بحجّة أنها قضية هامشية وشكلية، أو أنها ترفيّة لا وقت لنا للتوّقف عندها، متناسين أنه في الوقت الذي يكمن فيه الشّيطان في التّفاصيل، كما يُقال، فإن الخيرَ بدوره يكمُن فيها كذلك...

إنّ احترامَ الرّوح؛ روحِ الإنسان والحيوان والنّبات، هو أصلُ الرّحمة التي نصرّ دائماً على أنها أساسُ الدّين ومنبعُ قيمنا التي نتغنّى بها، من ناحية أخرى، فالقيم الإنسانية مثل الرّحمة والأمانة وغيرها لا تعرف التجزئة، وليست قابلة للتّقسيم والانتقاء... بمعنى أن من يسمح له ضميرُه تعذيبَ طيرٍ صغير هو نفسه الذي يعتقد أنّ إيذاء الأطفال والضّعفاء أمرٌ مشروع... والآخر الذي يستسهلُ سرقة بعض أدوات القرطاسيّة من مكان عمله؛ هو نفسُه مشروعُ الفاسد الجاهز للانقضاض على المال العام إن تسنّى له ذلك !

أخيراً، ففي الأدراج نظامٌ مشرّع للرّفق بالحيوان أقرّ قبل سنوات يُعطي لوزير الزّراعة، تحديداً، صلاحية تشكيل لجنة مختصّة ومفتّش يفوّضه الوزير بصفة الضّابطة العدلية ليتولّى متابعة الظواهر السّابق ذكرها، ولم يبق سوى مبادرةٍ ملموسة لتفعيل النّظام وتعليماته، علّنا نرحمُ من في الأرض... فيرحمنا من في السّماء !

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF