في عالم يتغير بسرعة، أصبحت الحوكمة الرشيدة والامتثال الفعّال من أهم معايير نجاح الدول والمؤسسات على حد سواء. وبين دول المنطقة، يبرز الأردن كنموذج طموح استطاع أن يرسخ موقعه الإقليمي من خلال التحديث المستمر لتشريعاته المالية، وتعزيز ثقافة الشفافية ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
لقد أدرك الأردن مبكراً أهمية تطوير البيئة التشريعية والرقابية، فعمل عبر مؤسساته الوطنية، وعلى رأسها البنك المركزي الأردني، على تطبيق أفضل الممارسات الدولية، بما يتماشى مع معايير مجموعة العمل المالي (FATF) وتوصياتها. هذا التوجه عزز الثقة الإقليمية والدولية بقدرة الأردن على حماية نظامه المالي، وجذب الاستثمارات، وبناء اقتصاد أكثر استدامة.
كما أولت المؤسسات المالية الأردنية اهتماماً بالغاً لتطوير أنظمة الامتثال وإدارة المخاطر، واستثمرت في رفع كفاءة كوادرها عبر برامج تدريبية متخصصة في الحوكمة، مكافحة غسل الأموال، وتمويل الإرهاب. هذا الاستثمار في الإنسان الأردني لم يكن مجرد خيار، بل ضرورة لمواكبة متطلبات الأسواق العالمية والتحولات الرقمية.
ولا يمكن الحديث عن تطور منظومة الحوكمة والامتثال في الأردن دون الإشارة إلى دور مراكز التدريب والاستشارات المتخصصة، التي عملت على بناء جيل جديد من المهنيين القادرين على قيادة المؤسسات نحو مزيد من الشفافية والمسؤولية، مما ساهم في ترسيخ ثقافة الامتثال كقيمة أساسية وليست مجرد التزام قانوني.
اليوم، يقف الأردن بثقة في مقدمة الدول العربية التي تعطي الحوكمة والامتثال بُعداً استراتيجياً، يدرك أن بناء بيئة أعمال نزيهة ومحمية هو حجر الأساس لتحقيق النمو الاقتصادي الشامل والمستدام.
وبينما يتسارع العالم نحو مزيد من التشدد في المعايير الرقابية والمالية، يثبت الأردن مرة أخرى أن قوة الدولة لا تقاس فقط بحجم اقتصادها، بل بصلابة أنظمتها ومرونة مؤسساتها ورؤية قيادتها.
مدرب الحوكمة وإدارة المخاطر والامتثال