الاب رفعت بدر
لم يخلُ شهر من العام الماضي 2016، إلاّ وتوافدت جماهير من المواطنين إلى المطار، لاستقبال « بطل جديد» في ميادين متعددة. وفي حصاد العام الماضي حمل الاعلام توقفاً عند أبرز الانجازات الأردنية التي تحققت وأحدثت أرقاماً فارقة في عوالم الابداع الانساني.
ولعلّ تذكير بأهم تلك الانجازات يفيد بتشجيع الملَكة الابداعية لدى الأجيال الطالعة: فالبطل أحمد أبو غوش فاز بميدالية ذهبية في الألعاب الأولمبية ، وآيات عمرو أول أردنية وعربية في مسابقة ناسا، ومصطفى سلامة والفريق النسوي الأردني لتسلق قمة ميرا بيك في جبل الهملايا، وتأهل ذيب للمخرج الأردني ناجي أبو نوار في فئة أفضل فيلم أجنبي ضمن جوائز أوسكار، وفاز الروائي ابراهيم نصر الله بجائزة كتارا للرواية العربية، وحصل مروان جوينات على لقب الوصيف الأول في مسابقة UCMAS العالمية في الرياضيات، كما فازت الطالبة سلاف عبد النبي بالبطولة العالمية 21 للاباكس والحساب الذهني، وحصل سديم قديسات على لقب نجوم العلوم للموسم الثامن، وأحرزت الطالبة رؤى حمو المركز الثاني في تحدي القراءة العربي، وتأهل ماهر ميمون وتالا نصراوين للقائمة النهائية لمسابقة هارفرد الخامسة لفكرة مشروع سولار بيزو كلين ، وحصل فارس العساف في المركز الثاني كأفضل مدرب في العالم. ولعل مطعم الرحمة كذلك يُعدُّ من باب الانجازات التي تذكر وهو ما زال يعمل ويقدّم الوجبات اليومية المجانية للعديد من الأفراد والعائلات، بإشراف جمعية الكاريتاس الخيرية.
لماذا نعود إلى ذلك الحصاد؟ لأننا لا نستطيع فصل هذه الأمور، وان بدا بعضها بسيطاً، عمّا يحدث في العالم والاقليم، وحتى لدينا:
أولاً: لدى الحديث عن المناهج المدرسية والإشكاليات التي ترافقت وعمليات «التجميل» التي جرت لها، حري بنا اليوم أن نفكر بالأساليب التربوية الخارجة عن المناهج المدرسية وهي ما يسمى بالأنشطة اللامنهجية، وهذا ما يفجر طاقات ابداعية لدى العديد من الطلبة.
ثانياً: أوقات الفراغ، ونسأل دائماً كيف يقضي أطفالنا هذه الأوقات في البيت وبالأخص أثناء العطل الطويلة صيفاً أم شتاء. جميل أن نكتشف مواهب الأطفال وأن نعمل على تنميتها فهي كالشجرة المغروسة، وبحاجة إلى اهتمام وسقاية مستمرة.
ثالثاً: يحفزنا هذا الكلام للحديث عن الآفات الاجتماعية التي تحصل وبالأخص في الادمان على المخدرات والكحول والقمار وكلها قاتلة للبيوت وبحاجة إلى علاج دائم. إلاّ أنّ الحلول المطلوبة هي الوقائية للأجيال الطالعة لكي لا تقع فريسة للإدمان بأشكاله كافة، فضلاً عن الجرائم التي ترتكب في العديد من مدننا وقرانا العزيزة، وقد ذهب ضحيتها العام الماضي العديد من المواطنين الابرياء.
رابعاً: ان التطرف والإرهاب اليوم قد باتا آفة الأفات، وهما بحاجة إلى خطة وطنية واستراتيجية شاملة لاستئصالهما. وهذا أيضاً بحاجة إلى أمرين: الاول علاج من سقط في حفرة التطرف ودهاليزه المظلمة القاتمة والقاتلة.
والثاني خطة وقاية وتوجيه سليم لأجيال اليوم والغد. حتماً ستكون العملية مكلفة مالياً وفكراً وتخطيطاً ووقتاً ورعاية. ولكنها ستنعكس على صورة المجتمع الذي نريد. فأين هي الحدائق العامة والمكتبات العامة والنوادي الرياضية وتعليم الفن والموسيقى والأنشطة اللامنهجية؟ إنه عالم بحد ذاته ، لكنه حتماً سيكون مفيداً وسينعكس على صورة المجتمع في الخارج.
خامساً وأخيراً، يبحث طفل اليوم عن «القدوة» الابداعية، ليتمثل بها ويجعلها نجمه وحلمه وهدفه. وقد يتعلق وجدانيا بمطرب أو فنان. لكن أول المؤهلين للعب دور القدوة هم الوالدون والأشقاء الكبار، كما هم المعلمون والمربون في المدارس. فلنكن قدوة حسنة تجذب الطفل إلى الابداع، ليس في الفنون فحسب، بل أولا بالمحبة والعلاقات الانسانية الراقية.
[email protected]