على الرغم من الموجة العارمة في تحبيذ امكانيات الاتصال الحديث وتمجيدها، باعتبارها تيسر وصول المعلومة وتشرك كل من يتمكن باستخدام وسائط التواصل الاجتماعي لصياغة الأخبار وطرح الأفكار،فان هذا الكم الهائل وغير المتوازن وهذا التعاصف غير المتناغم بالأخبار والتعليقات قد يخلق تشويشا مضاعفا في اذهان المتلقين واحدث بلبلة في اوساط الرأي العام وأفسح مجال واسع للاختلاق والتوهيم والمبالغة والمهاترة حول مجمل ما يحدث في اي مكان وما ينجم في اي زمان،وقد كانت تحركات قوى الشر والتطرف وعملياتها مرتعا لمثل تلك التصرفات والممارسات. حتى طال الصوت المتوازن الاتهام بالأمية المعلوماتية،ولحق التروي المسؤول الشتم والاتهام،وبقي التشكيك سيد الأحكام.
في هذا الخضم جاءت تصريحات المسؤول العسكري الكبير مكثفة ومركزة وواضحة فيها إجابات مختصرة كشفت الخطر الذي يقترب من حدودنا،وخاصة في الموقع الخالد قبالة»وادي اليرموك»من مختلف التنظيمات ومن بينها التي انتحلت اسم القائد الفذ «خالد بن الوليد»،والتي لا تريد لهذا البلد ان يبقى بأمان وأن يدوم باستقرار،على خلاف ما صنعه هؤلاء وأولئك بدول الأشقاء المجاورة،من هدم للبناء وتفتيت للحمة السكان وتعطيل للانتاج والعمل وخلخلة للنسيج المجتمعي.اقتضب ذلك المسؤول الحديث عن الواقع،محللا بلغة استراتيجية وبتعابير عسكرية مآل هذا الواقع،ومفصحا عن أهبة الاستعداد ويقظة الجنود،من غير غموض أومواربة،وهو يدرك تماما حقيقة قدرة»الجيش العربي»على التصدي لها بكفاءة،وبالسهر الطويل لقوى الأمن بمختلف اجنحتها على امن اردننا العزيز ومنع تسرب الفوضى اليه مهما تطيفت سياسيا أو عسكريا،ومهما اججت او افتعلت من مواجهات،وحاولت فرض ظروف ترضيها وتعبر فيها عن أضغانها. وهكذا وضعت صورة الميدان والمواجهة أمام الناس جميعا داخل الأردن وفي الوطن العربي والعالم أجمع،جلية تبين مكمن الخطروتبدي حالة التأهب لصده،مع عدم التخفيف من شأنه أو التغاضي عن قصده.
ولكن هذا الاستعداد والأهبة على الثغور لا يعفي المواطنين من اداء دورهم الأهم في ردع الارهابيين عن المساس بأمن البلاد،ولا يكفي ان نبدي اعتزازنا بقواتنا المسلحة أو اجهزتنا الأمنية،ونحن نردد امتناننا على نعمة الأمان،وينبعث الاطمئنان في نفوسنا بيقظة الجنود ومنعة الحدود،ونلهو بمضغ الشائعات والتعليقات،دون أن نؤدي دورنا الأساسي والمهم في زهق المباغتة اللئيمة قبل ان تحصل،وفي كشف الخطر قبل ان يحدق،وان نوقف العمل التخريبي قبل أن يحدث،وان نفسر التصرف المريب ونبلغ عنه،وأن نفضح التستر بالتدين والتقوى والورع لاخفاء القصد الجرمي وأدواته.
وأعود وأقول مع القائلين واردد مع المواطنين الواعين ان عين المواطن أداة دقيقة لمراقبة التصرفات الشاذة والتحركات المريبة،في اماكن سكنانا ومواقع اعمالنا،ولمراقبة كل من يحاول أن يبث شروره وعدوانه في الطرقات وبين الحارات،فان ذلك المشبوه الطارىء ذي السلوك العدواني الحقود خارج على القانون وخارج من الملة،لا انسانية في قلبه ولا روابط أسرية وقرابية واجتماعية تهمه،وهو معادي للوطن والانسانية وكاره للأمن والأمان والاستقرار.فكيف نغض الطرف عنه وكيف نتستر عليه وكيف نطمئن اليه؟
أما هؤلاء الذين رفعوا علمهم الأسود قبالة حدودنا واعلوه بهتانا بصورة المصحف الشريف،وهم لم يدركوا معاني الآيات القرآنية التي جاء فيها قوله سبحانه وتعالى:»لئن بسطت يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين» - المائدة28 - كما جاء فيها قوله عز وجل:»لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم»-البقرة 256- ولم يتبينوا قول رسول الله عليه السلام:»من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص من إثمهم شيء.
dfaisal77@hotmail.com
مواضيع ذات صلة