د. فيصل غرايبة
لا يعفي الكلام عما حدث من اداء دورهم الأهم في ردع الارهابيين عن المساس بأمن البلاد، ولا يكفي التعبير عن الاستنكار للحوادث التي يقصد فيها زعزعة الأمن وتعكير الأمان الذي يمتاز به الأردن، كما أن ترداد الحمد والامتنان على هذه النعمة لا يشكل نقطة النهاية لدور المواطن ولا خلاصة الاداء للواجب الوطني.
ان عين المواطن اداة مهمة بمثل هذه الأحوال والتي بنظرتها الفاحصة ورؤيتها المتعمقة، يمكن أن تكتشف الخطر قبل ان يحدق، وان توقف العمل التخريبي قبل أن يحدث وان تفسر التصرف المريب وقت حدوثه، وأن تفضح التستر بالأزياء والمظاهر التي يبدو فيها التقوى والورع وهي في حقيقتها تخفي السيوف والرصاص والأحزمة الناسفة.
إن عين المواطن اليقظة تميز بالضرورة بين من يصطف للصلاة في المسجد الطاهر، وبين من يتظاهر بأنه قد أتى لهذا الجمع من الناس صافيي النية ومسلمي الارادة لله سبحانه وتعالى ليؤدي الصلاة، ولكنه في حقيقة الأمر قد أتى داسا ومدسوسا، ليوهم الناس ويوهم الآخرين، ويعميهم عن قصده الجرمي وعما تسول له نفسه من فعل تخريبي وعمل تدميري، لا يهمه عمن يقع وفي اي موقع قد يقع.
ان عين المواطن أداة دقيقة لمراقبة التصرفات الشاذة والتحركات المريبة، التي يمكن أن يقوم بها اي دخيل على الحارة أو القرية او يقوم بها اي غريب عنها، وان تظاهر بمظهر طالب الرزق والمجد بالعمل والمجتهد بالمسعى، أو من يتغلغل بين الناس في متاجرهم وفي محالهم ويدق ابواب البيوت ويتطوع للخدمة في الحدائق او يعرض خدماته في المزارع او يستغيث المعينين على قضاء حاجة أو يجهش بالبكاء في طلب المساعدة أو يلهث ويرتجف في طلب الكساء أو الايواء، وهو في حقيقته يزرع الشر في الطرقات وحول البيوت ويضع الأذى في الزوايا والحارات.
تمتاز عيون المواطنين بأنها دائمة النظر ومستمرة بالابصار من جميع النوافذ وكل الأسطح والشرفات، وتنتقل عبر ادراج البنايات، وبين الشقق المتطاولة والمنتشرة، وبين الحارات والأحياء، ومن داخل السيارات الخاصة والمركبات العامة، وتنتقل بالأسواق والمولات، وداخل الأسواق التجارية والتجمعات الشعبية، وبامكانها أن تمعن النظر وتعبر عما رأت، وبامكانها ان تتمعن وان تتفحص وان تميز بين الحركة العادية الشريفة الصادقة الجادة من أجل الانتاج والبناء والخير والعيش والأمان والاطمئنان، تلك التي يقوم بها المواطن العادي الأب والأم والزميل والصديق والجار والشريك، وبين الحركة المضادة المريبة والشريرة والمخربة من أجل الدمار والموت والعبث والفوضى والزعزعة، التي يقوم بها المشبوه الطارئ الخارج على القانون والخارج من الملة، منزوع الانسانية ومتخل عن الروابط الأسرية والعائلية والاجتماعية، يعادي الأهل والوطن والانسانية المحبة للسلام والأمن والأمان والنفس الراضية المرضية والمقدامة على البناء والانتاج والعطاء لخير الفرد والمجموع.
ان اطمئناننا لدور العيون الساهرة والسياج المنيع والاذن الصاغية والصهوة المتراكضة من خلال مختلف الأسلحة الوطنية والأجهزة الرسمية، لا يعفينا كمواطنين من أن ننظر ونتمعن ونتفحص، وان نبلغ وان نبدي الملاحظة وأن نعبر عن الشك بكل فعل مريب وبكل متطفل غريب وبكل تصرف غير مألوف، ولا يعني ذلك ان نعفي تلك الأجهزة من دورها ولا أن نزيد من أعباء على المواطن ولا ان نكلفه بما يستطيع ولا أن نعهد اليه بدور مشبوه أو مريب، لا بل نذكره بواجبه الوطني نحو امنه الشخصي وامن عائلته واهله وبيته والمجتمع المحلي الذي يعيش فيه وبلده الذي ينتمي اليه. فكل مواطن خفير والوطن بلد الجميع وهو الحضن الدافئ للجميع.
[email protected]