عبدالهادي راجي المجالي
وظيفتنا أن لا نكتب للناس ولكن أن نكتب أيضا للحكومات ...وتلك قصة سأسردها للرئيس , من ثنايا الماضي ..ومن تفاصيل الحنين ..
في طفولتي اشترى لي أبي (بدلة) من رومانيا , ذهب هناك في زيارة وقرر شراء (بدلة) وربطة عنق لي ...كان جميلة جدا وعلى مقاسي تماما , ولكن المشكلة لا تكمن في البدلة بل في مواعيد ارتدائها ..فأنا كنت فخورا بها جدا وأرتديها دائما , بمناسبة وبدون مناسبة ..وذات مرة قررت خوض مباراة كرة قدم وأحرزت هدفا (بالبدلة)...
ظلت معي , وأنا لا أهتم (بالكوي) المهم أنها تحتويني , والبنات كن ينظرن إلي بابتسامة عريضة حين يشاهدنني فيها , وكنت أظن أنهن ابتلين في عشقي وتبين فيما بعد أن إحداهن قالت لرفيقتها عني بأني (هبيله) وقد لقبتني إحداهن (أبو بدلة)...
مع وصولي للصف السادس , كبر جسدي ..وعضلاتي نمت أكثر وطولي زاد ..وأنا لا احتمل أن تصغر (بدلتي) ..وكان لابد من اللجوء لأمي كي تجري بعض الجراحات على القماش , وفعلا قامت بتوسيعها ..وأمضيت مرتب السادس والأول اعدادي ..وأنا أرتديها في كل مناسبة وموقعة وحتى في (الهوشات ) التي تندلع ...من دون سبب بين أطفال الحي ..
وظيفة الحكومات مثل وظيفة الأم تماما , حين يضيق علينا الوطن توسع أكثر حتى يتسع القلب قبل الجسد ...وظيفة الحكومات , أن تصنع الفرح أيضا ..
إن بناء معنوية الناس وشحذها , أهم في لحظة من سعر كيلو السكر ..أو ضريبة المبيعات , وإن بناء الإرادة ..أهم في لحظة من بناء سكن أو غرفة من الطوب لمحتاج ...
الوطن لا يفصل على مقاس أحد , ولا تحاك خيوطه بحسب رغبة أحد ولكن حين نوسع الصدور يتسعنا جميعا ..ويكون رحبا مثل الحياة تماما .
هناك مدينة إسمها مدينة الحسين للشباب ..تقع على ألوف الدونمات ومرافقها كلفت الدولة ملايين الدولارات , وهي ليست مؤسسة للجاهات والعطوات والمناسف , بل هي مؤسسة الأصل أن تستغل لمشروع وطني ...يشبه يد أمي حين وسعت لي معطف البدلة , وجعلته يتسع أكتافي ...وتلك المدينة تتسع للشباب الأردني من كل المحافظات ...ونحتاج أن نطلق فيها مشروعنا الوطني المتعلق ببناء المعنوية والإرادة ..لا أن نتركها للمناسف والعطوات والجاهات وبعض كبار القوم كي يمارسوا بها الرياضة من أجل حرق فائض الكوليسترول ..بفعل الولائم الكثيرة .
وزير الشباب الحالي من أكثر الناس جرأة , وهو يملك تصورا ..مهما لهذه المؤسسة فاطلقوا يده كي يعمل ..وأظنه سينجح .
[email protected]