خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

أحمر الشفاه

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
عبدالهادي راجي المجالي أدق مرحلة في عمر الأنثى , هي اللحظة التي تقف فيها على المرآة ..وتمسك أحمر الشفاه , وتسيره على فمها ...وتنظر للمرآة , تلك لحظة خطرة جدا فيها تفاصيل غاية في الدقة ...فهي مثل أيلول تماما , حين يختلط عليه المدى ولا يدري هل هو شتاء أم اخر الصيف ...

هنا يختلط على البنت وجهها هل ما زالت طفلة , أم أنها تركت عمر الصبا وشهدت ثورة الأنوثة في قلبها ...واصبحت في مرحلة الغزل ...

في المرة الأولى , تسير أحمر الشفاه على فمها ثم تمسحه ..مثل أيلول يرسل لسعة برد في الصباح , ثم يحكم الشمس في قلب السماء ويعود للصيف ...ثم تعود وتضعه , وتخرج ..وحين تراها العائلة والصديقات , يقابلنها بضحكة خجولة وسؤال مفاده :- (حاطه حومرة) ؟ ...أخيرا تمتلك الجرأة أن تخرج وتقابل الناس فيه ..وتدري أن البعض سيضحك والبعض سيؤيد ..وربما ستنهاها الأم عن ذلك بدافع العيب , وربما سيحتار الأب ماذا يقول لها ؟

أيلول في نهايته , يستسلم للشتاء , ولا ضير أن يختم مروره علينا بقليل من المطر , ويستسلم المحيط من عائلة واصدقاء لمشهد البنت ...فقد كبرت واصبحت صبية , ومن المنطق أن تضع أحمر الشفاه ...

تلك مرحلة فاصلة في العمر , فهي لم تعد طفلة تتسلى في الألوان ..وتضع لعبتها بجانبها حين تنام , وتلهو في الليل قليلا مع إخوتها ...صارت صبية وأول مسحة (حومرة) على الشفاه , كانت إيذانا بالإنتقال من مرحلة لأخرى

الربيع العربي كان مثل صبية , أرادت أن تنقل إلى عالم الأنوثة ...كان إحراق البوعزيزي لنفسه , يشبه بنتا تريد أن تعلن عن صباها وأنوثتها ..وكان من الممكن أن تكون الثورات العربية كذلك ...ولكن أحيانا حين تضع البنت أحمر الشفاه , يصرخ عليها الوالد وتنهاها الأم ...وتصبح كأنها ارتكبت ضربا من الرذيلة ,وهذا ما فعلناه ...حين (عهرنا) المشهد تماما وحرقنا مؤسسات الدولة في ليبيا , ودمرنا كل ما بناه السوري عبر تاريخه من إنجازات وأحرقنا مشروع الدولة في العراق ..وفي النهاية أنتجنا نهجا طائفيا في اليمن

الثورة مثل الأنثى يجب أن تعلن عن نفسها , يجب أن تتجمل بالدم ..مثل الأنثى حين تتجمل بأحمر الشفاه ...ولكن كيف تتجمل والعربي ينظر للانوثة على أنها خدش للحياء , ويتعامل مع إعلان البنت عن نفسها كأنه مس بشرف العائلة ...نحن اعتبرنا ما أنتجته الأنظمة الديكتاتوريه هراء لهذا هدمنا المؤسسات في ليبيا , ونظرنا إلى علمانية الدول في سوريا على انه خدش في شرف القبيلة فاستبدلناها بالتعصب , وأختطفنا العراق وحفاظا على العرض حشرناه في زاوية الطائفية والعمائم ...

حين نبتسم للمرة الاولى التي تضع فيها البنت احمر الشفاه , سنعرف كيف ننتج ثورة ...لأن الثورة تشبه الأنثى ..والأنثى في أول فورتها تكون ثورة من الغزل والحياء ..

ماذا فعل بنا الربيع العربي ؟ كل ما فعله أنه قرر اغتيال أحمر الشفاه من على افواه البنات ..اي أمة تلك التي تغتال الشفاه ؟

[email protected]
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF