د.اسمهان ماجد الطاهر
من ابرز وأهم المضامين التي وردت في الورقة النقاشية السادسة لجلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله الحديث عن الدولة المدنية والتي كثرت المناقشة حول مفهومها في الآونة الاخيرة نتيجة للقصور في فهم مكوناتها وبنائها كما أشار جلالة الملك.
أن الدولة المدنية معنية بالمحافظة على كل أفراد ومكونات المجتمع بغض النظر عن انتماءاتهم القومية أو الدينية أو الفكرية، مما يضمن حقوق جميع المواطنين ويحمي من انتهاك حقوق الفرد من قبل فرد اخر أو اي طرف أو جهة، وأهم عناصر ومكونات المجتمع الاردني هم الشباب.
وبالتالي لابد من توعية الجيل الشبابي بمفهوم الدولة المدنية وأهمية التحول نحو المجتمع المدني حيث يضمن هذا التحول ترسيخ أهم مبادئ الديمقراطية والمواطنة الصالحة من خلال تعزيز مفاهيم الحرية والعدالة والمساواة والتسامح، واحترام الرأي الآخر، والمشاركة والتعامل في اطار مؤسساتي وقانوني.
ان الشباب اليافع يحتاج الى المعرفة بمفاهيم التنمية السياسية والاجتماعية، ولابد أن يدرك الشباب انه لا تنمية سياسية بدون تنمية اجتماعية تعني بنشر معايير وقيم واتجاهات ووعي يضمن تصحيح الثقافة السياسية لديهم كاحد أهم فئات المجتمع لضمان مشاركتهم في التعبير عن ارائهم بوعي، وتأكيد مشاركتهم الفاعلة في اختيار ممثلين لهم في مجلس النواب للرقابة والدفاع عن جميع القوانين التي تختص في شؤون الشباب وقضاياه المهمة. ان التنمية السياسية والديمقراطية هي عملية تأهلية وتعليمية وتثقيفية وتربوية تساعد على تفعيل دور كل شاب وكل مواطن في المجتمع لضمان تفاعله الايجابي في القضايا السياسية بعيداً عن الاغراض المسبقة والاحكام الجزافية.
ويعتبر هذا الدور من أهم ادوار مؤسسات أو منظمات المجتمع المدني كما هو شائع تسميتها في الاردن. وتاخذ هذه المؤسسات نوعين اما تكون على شكل جمعيات وهيئات محلية ومؤسسات اهلية تطوعية مسجلة لدى وزارة التنمية الاجتماعية، أو تكون غير مسجلة ولكن على صلة وثيقة بها مثل المجلس الاعلى للأسرة، والمركز الوطني لحقوق الانسان، كذلك المؤسسات المسجلة بموجب قوانين خاصة كمؤسسة نهر الاردن، والصندوق الاردني الهاشمي للتنمية، ومؤسسة الملك حسين ، والهلال الاحمر الاردني.
ان وجود هذه المؤسسات وقوة تأثيرها في الجيل الشبابي هو ما سيضمن حتماً عملية التحول نحو المجتمع المدني حيث ستضمن خلق وعي لدى الشباب وجميع افراد المجتمع بحقوقهم وواجباتهم بما يضمن التحول الديمقراطي، حيث تقدم هذه المؤسسات الوعي والتثقيف للشباب ولفئات المجتمع الاخرى.
ان وجود اعلام عنوانه التثقيف والشفافية هو ماسيضمن للمؤسسات أن تنجح في ادماج الشباب في التحول والتطور من خلال توضيح البرامج والتوجهات السياسية للشباب في المجتمع حتى لا يقع هؤلاء الشباب تحت شبكة معقده من التفسيرات والاشاعات التي تثير الاشكاليات الجدلية التي يضيع معها وضوح المفاهيم واهميتها المرجوة.
ولكي تستمر هذه المؤسسات في تحقيق ادوارها بنجاح في التحول والتغيير والتنمية لابد من التعاون والتنسيق في ما بينها لتقديم مجموعة من البرامج المتعلقة بالشباب وأن تخصص وتكثف مواضيع متعلقة بالتنمية السياسية والاجتماعية لهم فالجيل الشبابي هم امل المستقبل.
مؤسسات المجتمع المدني عليها دور اساسي ومهم اتجاه الشباب لضمان تشكيل رؤية مستقبلية مشرقة لمجتمع مدني عنوانه سيادة القانون والعدالة الاجتماعية والحوكمة الرشيدة وضمان حقوق جميع فئات واطياف المجتمعات دون تمييز. ولدعم تبني الشباب للقيم الاساسية لهذا المجتمع الذي نادى بها جلالة الملك في الورقة السادسة والتي اهمها المثابرة والانفتاح والمواطنة الصالحة، وتقبل التعددية وتعزيز قيم الالتزام والاعتدال والوسطية كل تلك المفاهيم لابد من بثها في الفكر الشبابي حيث يعتبر اكبر مكونات المجتمع الاردني. واخيراً مقالي موجه لكل الشباب اليافع الذي نادى جلالته في الورقة بتمكينه سياسياً واقتصادياً وتعزيز امكانياته وتطوير وتوسيع أفقه. حمى الله الاردن.
[email protected]