عبدالهادي راجي المجالي
ما زلت أتذكر زجاجة (الكالونيا) ..كانت تتسع لما يقارب اللتر من العطر , وكانت رخيصة ومتاحة لكل فرد ...أنا أتذكر أبي فقد كان يستعملها بعد الحلاقة , و ياما سكبت على وجهي منها قبل الذهاب إلى المدرسة ...وذات يوم , دخل مسمار في قدمي اليمني , وتم تعقيم الجرح بواسطة الكالونيا ..فهي لم تكن عطرا بل كانت معقما للجروح أيضا ...
حتى في حصة الرياضيات , كان يدخل علينا الأستاذ ورائحته تعج بالكالونيا , وذات مرة صفعني على وجهي ..لأني قمت (بالصفير) اثناء الحصة , فشعرت برائحة الكالونيا قد احتلت وجهي ...نحن أصلا من جيل كانت الصفعات فيه معطرة ...
وحتى الجنازات التي كانت تخرج من المسجد , ونمشي فيها أثناء عودتنا من المدرسة , كان مضمخة بالكالونيا ..ويكفيك أن ترفع أنفك قليلا لتكتشف أن الشوارع لدينا معطرة بها ...
جدتي أيضا كانت تضع كالونيا , وسائق الباص ...والبائع واللحام , وأتذكر أني كنت أرفق برسائل الغرام التي أكتبها لبنات الثاني الإعدادي والتي لم تصل أبدا ( محرمة) معطرة بالكالونيا ومرفقة مع الرسالة ...فأنا نظرت لهذا العطر أيضا باعتباره , وسيلة للغرام ..
تغير الزمن الان يوجد ألف عطر ..وألف نوع ..ولكن (الريحة طالعة)....
وها أنا أكتب لكم مقالي هذا اليوم برائحة الكالونيا , علنا نسترد زمنها فقد كان لذاك الزمن رائحة جميلة ...
[email protected]