عبدالهادي راجي المجالي
زمان كان للدولة هيبة ...
كنا نهرب من وجه الأستاذ , حين نراه يمشي في السوق حتى لايرانا ..وكان الشرطي حين يأتي لجلب مواطن إلى المخفر يأتي منفردا وبدون قوة مسلحة , كان زيه يكفي (والبوريه) الذي يرتديه ..كان بحد ذاته أهم من السلاح .
كان شرطي السير حين يحرر مخالفة نلوذ بالصمت , ولا نجادله ...حتى الاباء كان لهم هيبة مختلفة, فحين يدخلون المنزل ..توزع المهام على مرتبات الأسرة , بعضهم يحضر (البيجاما) والبعض الاخر ..يجهز الطعام , وثمة صمت يوحي برزانة العائلة .
كان المحافظ مهما جدا , وبالضرورة أن يرتدي شماغاً وله شوارب كثيفة , ولكن حين تقف أمامه ..عليك أن تتحدث بثبات واحترام , لم يكن يجادل أو يمهد للقرار ..كانت تكفيه كلمة (اشحطوه) ...فهي بحد ذاتها قرار .
كان للزمن هيبة , والليل له هيبة ...كان يكفي مراقب الأمانة رفع إصبعه الأيمن , لأجل بسطة مخالفة وتزال في لحظتها ..من دون شرطة أو مرافقين ...
كان موظف الدولة له وقار , وأتذكر أنهم كانوا ينادونه (يابيك) وحين يصعد في الباص لابد أن يكون الكرسي الأمامي له ..وبعضهم كان يستعمل زيت شعر , ويضع مشطا في الجيب العلوي للقميص .
نحن الان أمام (رخاوة) غريبة , في الهيبة ..فأنت تقرأ عن اعتداء على شرطي سير , وتقرأ عن اعتداء على جابي كهرباء وتقرأ ...عن مطلوب لم يقبض عليه بعد وهو هارب منذ (5) سنوات ...
هل من الممكن استحداث دائرة رسمية تعنى بدراسة , انهيار مظاهر الهيبة الرسمية ...؟
أعرف أن الزمن لايعود , ولكن الهيبة تسترد ...
[email protected]