د. عدلي قندح
بعد أن نجح الاردن بإجراء انتخابات برلمانية عكست رأي الشعب الأردني الذي أدلى بصوته لاختيار نواب من مختلف محافظات المملكة الاثنتي عشرة، فإن الخطوة التالية ستكون اما استمرار الحكومة الحالية ببرنامج يُطرح على البرلمان لنيل الثقة أو تكليف الرئيس الملقي بتشكيل حكومة بالتشاور مع البرلمان. من الواضح أن البرلمان الجديد سيخلو من أي توجه سياسي او اقتصادي بعيدا عن التوجه الحالي للمملكة.أملنا في المستقبل أن يكون لدينا أحزاب سياسية تحمل برامجا اقتصادية واجتماعية واضحة تمكنها من تشكيل حكومات برلمانية كما يحصل في الدول المتقدمة.
أما وان واقعنا السياسي الحالي هو استمرار للواقع الذي تعيشه المملكة منذ عقود طويلة تعود للخمسينيات من القرن الماضي، فإن أكثر ما يمكن أن نتوقعه بعد الانتخابات هو تكليف جلالة الملك لشخصية معينة قد تكون رئيس الوزراء الحالي الدكتور هاني الملقي بتشكيل حكومة نأمل أن لا يكون فيها أي عضو من البرلمان حتى يكون هناك فصل تام ما بين السلطات الثلاث التنفيذية والرقابية والقضائية. ونأمل أيضا أن تبدأ القواعد الشعبية بتشكيل أحزاب سياسية قليلة جدا لا تتجاوز عن ثلاثة أحزاب رئيسية ولتبدأ أولا بتشكيل حزب للعمال والموظفين من نقابات العمال والموظفين وحزب آخر من مؤسسات المجتمع المدني لننتقل الى العمل السياسي الذي يمكننا من تشكيل حكومات وحكومات ظل تقود المملكة بعمل مؤسسي ينقلنا الى مراحل متطورة مثل الدول المتقدمة.
الحالة السياسية التي ذكرت نادى بها جلالة الملك عبدالله الثاني بأوراقه النقاشية التي نشرها قبل سنوات قليلة ماضية وباتت تدرس لأبنائنا كجزء من منهاج مادة التاريخ للصف الثالث الثانوي والتي أعتقد أنها لاقت قبولا واسعا بين مختلف مكونات المجتمع الاردني ولكن تطبيقها يحتاج لفترة من الوقت يتطلب نضوج واسع في الفكر السياسي عند قاعدة الهرم السكاني.
أما وانه من المتوقع أن نشهد حالة سياسية أردنية شبيهة الى حد كبير بتلك التي مررنا بها طوال السنوات الاربعة الماضية فأنني ادعو كافة النواب المنتخبين الكرام وخاصة الجدد منهم الى قراءة وتحليل البيانات الاقتصادية الكلية والجزئية مثل تطورات الناتج المحلي الاجمالي والمالية العامة للدولة والمديونية العامة الداخلية والخارجية وتطورات ميزان المدفوعات وبيانات التضخم والبطالة والفقر. كما وادعو النواب المنتخبين الكرام الاطلاع على تفاصيل اتفاقية المملكة مع صندوق النقد الدولي الاخيرة والتي التزمنا بها أمام الصندوق للسنوات الثلاث القادمة والتي تشكل ثلاث أرباع عمر مجلس الامة الجديد الذي ننتظر أيضا تشكيلة مجلس الاعيان فيه. كما وأدعو اعضاء مجلس النواب المنتخبين الى الاطلاع على برامج الحكومة التنفيذية التي اقرتها الحكومة الحالية في شهر حزيران الماضي والتي تتضمن 19 محورا تغطي مختلف القطاعات الاقتصادية وعلى الموازنة العامة للمملكة للعام الحالي. الاطلاع على هذه الوثائق الرئيسية التي تحكم عمل الحكومة ستمكن النواب الكرام من العمل على أسس مؤسسية مع الحكومة انطلاقا من اتفاقيات وبرامج وخطط مقرة محليا ودوليا لا يمكن الانحراف عنها بصورة كبيرة في السنوات الاربعة المقبلة.
نأمل أن نشهد نقاشات راقية تحت قبة البرلمان وبين اروقة قاعات البرلمان بين اللجان المختلفة ومؤسسات المجتمع المدني يطرح فيها الرأي والرأي الأخر بهدف تقديم أفضل الحلول لمشاكلنا المستعصية دون هدر في الوقت والمال والفرص.
واخيرا نقول الف مبروك للأردن هذا الاستحقاق الدستوري والسياسي في ظل ظروف اقليمية ودولية معقدة وملتهبة.