د. فايز الربيع
تطل علينا هذه الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة، والتي تمثل اياما» لها فضلها وقدسيتها ففيها أيام الحج - ومنها أيام التشريق ويوم عرفة-وهي أيام لها ذكرها في القرآن والسنة ارتباطا» ببناء البيت وآذان سيدنا ابراهيم للحج - وذكر ابرز شعائره في القرآن الكريم.
اول دلالات هذه الشعائر هي وحدة الامة - فهذه الامة لها من مقومات الوحدة مالا يتسنى لأمة اخرى - وقد جربتها ونجحت في وحدتها - ولكنها الآن ابعد الأمم عن الوحدة حتى في طرح الشعارات.
نحن جميعا» نتوجه الى مكان واحد. ونطوف حوله من اركانه شرقا» وغربا» شمالا»وجنوبا» - ولكنها في اتجاه واحد هو البيت - نقف في صعيد واحد في عرفة - وهي وحدة. ننفر في وقت واحد - كلنا دون استثناء كما كانت تفعل قريش عن سائر العرب فجاء قوله تعالى ( ثم افيضوا من حيث أفاض الناس) - وباتجاه واحد الى مزدلفة ثم منى ثم الطواف مرة أخرى حول البيت العتيق - انها شعائر تؤصل لمفهوم وحدة الأمة - من كل ارجاء الأرض - وننتقل الى شعاراتنا الانتخابية هل تؤصل الى الوحده ليس على مستوى الأمة وإنما على مستوى المحافظة او البلد - يجب ان لاتخرج شعارات تنادي بتمزيقنا وجهويتنا وإقليميتنا - لإنها ضد الوحدة - ونحن في ايام الحج التي تنادي بالوحدة.
ثاني هذه الدلالات السعي بين الصفا والمروة - وهو سعي - نقتفي به اثر امرأة - هاجر - التي كانت تبحث عن الماء - وتركها سيدنا ابراهيم بواد غير ذي زرع - وكاد رضيعها سيدنا اسماعيل أن يهلك فكانت زمزم التي نتبرك بمائها - ونشرب منه - ويأتي به الحجاج ويقدمونه الى ضيوفهم -
وهنا نسأل اين موقع المرأة في الانتخابات وشعاراتها - لقد انحصرت ضمن الكوتا - واحيانا كحشوة تجميلية الاّ ما ندر - وهو عكس قيمتها في ديننا وحضارتنا التي اعلت من شأنها - والتي قدمتها النصوص القرآنية في افضل صور التكريم - وأعطت كتب السيرة والتاريخ لنا نماذج من دورها في ميدان السياسة والأدب والحرب والتجارة دونما حصر او تأخير -
والدلالة الثالثة هي رمي الجمرات وهي سنة مؤكدة - نرمي منها الجمرات في ثلاثة أيام في منى لماذا؟ لأنه الموقع الذي تعرض فيه الشيطان لسيدنا ابراهيم ليثنيه عن دوره ومهمته التي رآها في المنام وهي ذبح سيدنا اسماعيل - والفداء بعد ذلك انها رمي لنوازع الشر في انفسنا - وحرب على الشيطان الكبير الذي يسيطر على مشاعرنا وشعورنا تجاه الآخر - نحن نتصرف دونما رادع او تفكير او انضباط تجاه غيرنا - نحاول أذى بعضنا البعض بالموقف والكلمة والتآمر والغيبة والنميمة وكل نوازع الشر - إنها فترة - تتزامن مع موسم الحج الذي نرمي فيه الشيطان - هناك في الجمرات - وهنا في الانتخابات حتى تسلم صدورنا لبعضنا البعض.
والدلالة الأخيرة هي الأضحية - والتي نعظَم فيه شعائر الله - والتي نأكل منها ونطعم الفقير - دونما منَه - عليه لإنه واجب ، ولا نذكره بطرد اعطيناه او غطاء كسيناه - لإن ذلك كان ينبغي ان يكون في سبيل الله - تماما» كالأضحية - التي لاينال الله لحومها ولادماؤها ولكن يناله التقوى منا.
هي رسائل من شعائر الحج - حاولنا ان نربطها بشعارات الانتخابات للذكرى وكل عام وانتم بخير.
Email: drfaiez@hotmail.com