عبدالهادي راجي المجالي
كلما قلبت محطة رياضية عربية , لحظة لعب أحمد ابو غوش المباراة النهائية مع اللاعب الروسي , كان المذيع يهلل ويصرخ فرحا بالإنجاز وقد سمعت الفرح باللهجة التونسية , والجزائرية والمصرية ..واللبنانية ..
مافعله أبو غوش تجاوز بلدنا , إلى العالم العربي كله , فهناك شح في الميداليات , وهنالك تراجع في الأداء ...ويصل الحزن لمرحلة بأن تشكل اللجنة الأولمبية , فريقا من اللاجئين معظم اللاعبين فيه من العرب..ويأتي هذا الفتى الأسمر في النهاية , وينتزع أعظم إنجاز رياضي في أكبر بطولة
حسنا ..لقد أنفقنا على النجوم في جرش مئات الالاف من الدولارات ..ولم ننفق على أبو غوش ولو تكلفة سماعة في حفل كاظم ..وأنفقنا على ورشات العمل التي يتخللها إستراحات مناسف الألوف من الدولارات , وأنفقنا على مياومات المدراء , وتذاكرهم الملايين ..وأنفقنا على ترويج الأردن سياحيا في الغرب عشرات الملايين , وأنفقنا أيضا ..على الدعايات الإنتخابية والتي يتخللها جهد هائل من الفوتوشوب لبعض الوجوه , الملايين من الدنانير ..
بالمقابل ماذا أنفقنا على أبو غوش ؟ ..هو الذي أنفق علينا ..هو الذي منح بلدا صغيرا في محيط مشتعل كما هائلا من الفرح , هو الذي علمنا أن الإنجاز وتحقيق الحلم يصنع على زنود الفقراء وحدهم ..وهو للعلم فتى عشريني ..لم يدرس على النظام البريطاني للمدارس الخاصة..والذي يكلف مالا هائلا ..وهو لايذهب في عطلة الصيف مع العائلة ..وهو أيضا لا يسكن في منزل فاره ...خلفه توجد بركة سباحة ,وعائلته ليس لديها سائق مع لاند كروزر تأخذه في الصيف إلى النادي لرؤية الأصدقاء ولعب التنس الأرضي ..والأهم من كل ذلك , أنه ربما لايعرف زقاق عمان الغربية ولكنه يعرف دخلات (الجوفة ) والجبل الأخضر ..والنظيف.
بعبارة أخرى من يحمي الوطن من داعش هم شبابه الطيبون الذي قدموا من قرى الصبر والفقر والحلم , ومن يصنع إنجازات الوطن هم شبابه الذي تعودوا أن يرضوا باليسير ...ومن يحمل الوطن على أكتافهم هم أهله الذين لم يولدوا في القصور ..أو اطراف الحدائق الغناء في عمان الغربية .
ابو غوش ..هو قصة الناس البسطاء , والذين يفتخر الذهب أن يطوق عنقهم ..وليس قصة من يلهثون وراء الذهب كي تزيد أرصدتهم