د. عميش يوسف عميش
قرأت للكاتب المصري الاستاذ فاروق جويدة مقالاً بعنوان (اغتيال العمارة المصرية) نشرته جريدة الاهرام الاثنين 18/ 7/ 2016 (ص1). وقد اعجبت بالمقال وبنيت عليه ملاحظات تتعلق بنفس المشكلة التي طرحها الاستاذ جويدة في مصر وتنطبق على الاردن وعمان بالذات. يقول الكاتب: « كانت العمارة المصرية في كل عصورها من اهم سمات الشخصية المصرية تاريخاً وحضارةً ومنذ امتدت سياسة الابراج الخرسانية القبيحة على ضفاف النيل وتم اغتيال مئات القصور والفيلات التاريخية في كل انحاء مصر وتشوهت الالوان والجدران والبشر واختفت من حياتنا نماذج رفيعة للعمارة المصرية العريقة. هناك مشكلة ثقافية لا يمكن تفاديها الا بالمكوث بالمنزل بعد قفل الشبابيك وعدم الخروج الى الشوارع العشوائية الا وهي مشكلة تعدد الالوان في العمارات وعلى جوانب الطرق بالوان صفراء وحمراء بلا تخطيط - وهي صبغات- ليست اكاسيد او الواناً ثابتة سرعان ما تتفسخ وتزول معالمها بالأتربة والشمس والامطار. اما العمارة المصرية الاصلية هي لا لونية وارتبطت بلون الحجر الكريم. ويضيف: يا ليت استعمال هذه الالوان يتحول اليوم الى قوانين لدى جهاز التنسيق الحضاري لنصل الى ما وصلت اليه الاردن وتونس والمغرب من استعمال لون فاتح واحد مع لون اخر مركز للأبواب والشبابيك والاسوار الحديدية. وينهي: هكذا عاشت حضارتنا المعمارية الاف السنين واحتفظت بجمالها وهي اثار مهدمة لان اهلها بنوها بطاقة ايجابية وبوعي ثقافي وذوق فني تحدى الزمن بعواملها الجوية والانسانية. اعود الى عمان-وارى ما حدث منذ السبعينات واستمرت الفوضى و(الاغتيال) للمنازل والشوارع والساحات. والتوسع العشوائي وهدم البيوت ذات المناظر المهيبة وحتى تلك التي بنيت بالطين والشيد وبعقودها احجارها الجميلة وشرفاتها الواسعة كذلك الاساءة الى الشوارع والساحات خاصة قطع الاشجار وتدمير الاعشاب الخضراء والحدائق حيث زحف الاسمنت عليها ودمرها. اذكر هنا بان منظمة الصحة العالمية (WHO) طرحت عام (2010) ليكون شعار «لا لتظاهرة التوسع العمراني العشوائي على حساب البيوت القديمة ذات الارث الحضاري». كذلك زحف الاسمنت على الشجر والنبات وتدمير اللون الاخضر وتأثير كل ذلك على صحة وحياة الانسان. كما ان المنظمة (WHO) اطلقت على هذه الحملة ضد التوسع العمراني لعام (2010): «انقذوا 1000 مدينة وانقذوا 1000 حياة ودعت سكان المدن الى التظاهر السلمي والمشاركة في حملة منظمة كي تجعل تلك الرسالة تصل للمسؤولين ولكل العالم». ادعو القارئ لزيارة شوارع الشميساني وما بين الدوار الخامس والاول وشارع الخالدي والشوارع الموازية له والمتفرعة منه. هناك هدم وبناء عشوائي. مجمعات للأطباء والمختبرات والصيدليات وايضاً متاجر وعمارات وابراج عملاقة اخرى تباع كشقق سكنية (شعارها-ديلوكس). وغالباً يتم البيع على خريطة مجسم البناء قبل بناء العمارات والابراج. الشقق السكنية ذات شبابيك صغيرة وبلكونات صغيرة جداً لا تتسع لجلوس اكثر من شخص والسبب توفير مساحة ارض الشقق لبيعها بالمتر وعدم هدرها بإنشاء بلكونات - كل ذلك لا بأس-اتسأل اين كراجات السيارات المقررة بالقانون للأبراج والعمارات والفنادق والمستشفيات وحتى الكنائس والجوامع. لا توجد وهذا سبب اكتظاظ السيارات بالشوارع وازدحام السير الخانق واصطفاف السيارات المزدوج على جانبي الارصفة. هذا نداء ارجو ان يصل اسماع المواطن الغيور على مدينته. شاركوا في حماية عمان واردننا بكل مدنها وقراها لمنع التوسع العمراني العشوائي المجنون على حساب نظام المدن الراقية والشجر والخضرة ومنع تلوث البيئة وحمايتها وعدم تدمير تراثنا القديم الجميل. بالله عليكم اتركوا البيوت القديمة التراثية ولا تهدموها مع حدائقها ومواقف السيارات. واخيراً اعود لأشكر الاستاذ فاروق جويدة على مقاله «اغتيال العمارة المصرية» لأننا في الاردن الهاشمي العربي صاحب الثورة العربية الكبرى نتطلع الى مصر الحبيبة باحترام وحب وتقدير. كما اشكر اخي وصديقي معالي عقل بلتاجي امين عمان على جهوده الجبارة لإعادة الجمال والبهجة والتراث لعمان