عبدالهادي راجي المجالي
توفي الشاب شادي أبو جابر على طريق المطار , نتيجة حادث مؤسف ..وقد شاهدت صوره وتذكرته جيدا فقد كان يزور المعهد الوطني للموسيقى وكان يأتي لمركز الحسين الثقافي , فهو عازف قيثار موهوب جدا .
أعرف أن حزن أهله ليس له حجم وأعرف أن قيثارته هي الأخرى ستفتقده والمدى الذي كان ينتظر من أوتاره أن تنثر اللحن عبره هو الاخر سيفتقد شادي .
في حضرة الموت , على العين أن تخجل وتداري خجلها بقليل من الدمع .. وأنا حين شاهدت وسامة الفتى وحجم البلوى داريت قلبي بالحزن ذاك أن البلد فقدت شابا , كان من الممكن أن يكون شيئا مهما في المستقبل ..وكانت يد أمه تحتاج لقبلات منه , فيد الأم لا تشبع من حب وليدها ..ولكن شادي رحل عن الدنيا , وارتضى التراب مستقرا .. وسيكتفي من الان وصاعدا بالبلابل حين تزور قبره وتغرد فوق التراب بديلا عن أوتار القيثار .
لك الرحمة وعليك الرحمة يا شادي , ولا تنظر لمن يحرم أو يحلل , فقط نم في مستقرك الأخير قرير العين , فأنا يا شادي اضحك على الذين يطلقون الفتاوى لموتك ...هؤلاء لو خجلوا قليلا من دمع أمك لما كتبوا حرفا ولا أطلقوا تلك الاراء المريضة , هؤلاء لو قرأوا عوده القسوس أو غالب هلسه لو عرفوا سيرة يعقوب حجازين , أو تاريخ عائلة ابو جابر ..وكيف أسست المجتمع الزراعي في اليادودة ..لما أطلقوا تلك الفتاوى المريضة ..ولكنهم يا رفيق الوتر والحزن والدرب الوعر , لم يقرأوا ولم يعرفوا أن الصليب في الأردن حين ارتفع على الكنائس , كان مقاتلا عن الوطن وباسمه مثله مثل البندقية ..
لك الرحمة يا شادي , وذات يوم ..وحين يبلل الندى حواف قبرك ..وتأتيك صبية في أول العشق , وأول الحزن وتضع الورد على مستقرك , وتمر الحساسين بمقربة منك , وتعزق لك لحن الصباح الندي ...ربما سيقترب عصفور من تراب قبرك ويخبرك بأن الناس غمرتك الحب ..وأن الناس في بلادنا لا تعرف غير الحب ...لك الرحمة وعليك الرحمة يا سيد الوتر .