عبدالهادي راجي المجالي
بصراحة تامة , أشعر بالفخر كأردني حين أشاهد أحد كبار ضباط القوات المسلحة الأردنية السابقين اللواء (فايز الدويري) , يقدم تحليلا عسكريا على قنوات مهمة ويأسر المشاهد بفصاحته ومعلوماته العسكرية ..وبالتحديد في الشأن السوري .
من يستمع لهذا الرجل , يدرك أنه عسكري محترف ويتابع الأخبار , ويربط بين السياسي والعسكري ..وفي النهاية يقدم تحليله , الذي يشد المذيع ذاته قبل المشاهد لدرجة أنهم يتجاوزون الوقت معه.
لكن هناك فارق بين العاطفة والواقع , فعاطفة الباشا تطغى على الواقع فهو مصر على أن تغيرات دراماتيكية ستحدث , ورربما ستؤدي إلى صمود ما يسمى بالجيش الحر أو فصائل والمعارضة في حلب , وهو مصر في كل مرة على تقديم وجبة من التفاؤل لأنصار الجيش الحر ...ويصر على أن جيش النظام تبعثر , ويعاني من خسائر فادحة ..
في بداية الأزمة السورية , هلل الجميع بحقبة الديمقراطية هناك وتصدر بعض كتابنا الفضائيات , وبدأوا بالحديث عن المرحلة الجديدة معتبرين أن سقوط النظام صار تحصيلا حاصلا ...ولكن كل توقعاتهم سقطت وبقي النظام , وهاهو في طور تحرير حلب ..
شخص واحد بقي مصرا , على تعرية الإعلام وفضح حجم السذاجة لديه, وهو أستاذنا فهد الريماوي , وأنا من الناس الذين كتبوا قبل (خمس) سنوات أن سوريا تمثل مكانا خصبا لأحلام كتاب الفضائيات , وللمشاريع الإخوانية ومن يتبعها ..وفعلا سوريا في ذاك الوقت أشبعت الأحلام , وتجاوز بعض الصحفيين لدينا الواقع لدرجة أن كاتبا إخوانيا , بشر على فضائية عربية ..بدولة ديمقراطية جديدة يحكمها الاخوان ..
نعود إلى محللنا والعسكري المتمكن الباشا فايز الدويري ..
أنت تدرك عزيزنا الباشا , أن حلب سقطت وإن ما يسمى بالمعارضة , كل تفكيرها الان منصب على كيفية الحصول على ممر امن وهروب منظم , وأنت تدرك أيضا أن مفاوضات جنيف القادمة , ستندلع دون أن يجد وفد المعارضة أرضا يفاوض عليها أو موقفا عسكريا يسنده ...
يا ترى حين يبسط الجيش السوري كامل سلطته على حلب , ماذا سيقول الباشا الدويري ,هل سيعيد نفس القصة ويؤكد ان المعارضة قادرة على الصمود ..؟
وما هو موقف خبراء التنظيمات الإسلامية , الذين بشروا بالعهد الديمقراطي الجديد وأكدوا سقوط النظام ؟ ...على كل حال نحن نراقب المشهد في حلب ...ما زلنا نراقبه , وما زلنا ندعو الله أن (يزبط ) مع جماعة الجيش الحر وفصائل المعارضة ..تحليلاً واحداً فقط , أو رأي ..ولكن للأسف منذ (5) سنوات وهم يقدمون لنا أحلامهم فقط . ...وحلب كذبت كل الأحلام .