خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

عصر العلم .. قراءات في «كتاب الدكتور أحمد زويل»

عصر العلم .. قراءات في «كتاب الدكتور أحمد زويل»

-
-
طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ

 إبراهيم كشت

أن يتحدّثَ إليك عالِمٌ فـي مقام الدكتور أحمد زويل ، حاز على جائزة نوبل في الكيمياء ، فضلاً عن جوائز مرموقة ومعتبرة أخرى ، ونشر أكثر من ثلاثمائة وخمسين بحثاً علمياً مُحكَماً. ورصد وصوّر (لأول مرة في التاريخ) حركة الجزيئات في تحطمها وإعادة تشكُّلها ، عن طريق تطوير نظم ليزرية لتسجيل حركة الجزيئات خلال (الفيمتو ثانية) أي الواحد على المليون على البليون من الثانية  ! أقول : أن يتحدث إليك عالِم بهذا الحجم والقدر ، من خلال كتابه ، أمر يختلف ـ لا شك ـ عن أن يكون محّدثك رجلاً عادياً تستمع إليه في صالون أو مجلس أو لقاء ، فإذا به (يُنظّر) ويفتي في السياسة والاقتصاد والدين والتربية والتعليم والطب في آن واحد معاً ، دون أن يهتزَّ له جفنٍ ، وربما لو أنه سمع بـ (الفيمتو ثانية) لأفتاكَ في أمرها أيضاً ، بلهجة واثقة وعبارات جازمة .

تفكير العلماء ...
وأن تقرأ لهكذا عالم ، تَخصصَّ في الفيزياء الكيميائية ، وقضى شطراً غير قصير من عمره في المختبرات والمعامل ، وفي قاعات الدرس والبحث العلمي ، واشتغل على ما يحدث في زمن لا يتجاوز (واحد على واحد أمامه خمسة عشر صفراً من الثانية) ، أن تقرأ لمثله ، لابد أن يكون تجربةً مختلفةً ومتميزةً ، لأن الانغماس بالعلوم الطبيعية (على نحو ما يفعل الدكتور زويل) من شأنه أن يبني لدى المرء منهجاً من التفكير يبحث في الجوهر ، ولا يكتفي بمجرد السطح ، ويتحرى الحقيقة ، ويقيم عليها دليلاً من خلال التجربة، إنه منهج يلاحظ ويحلل ويفسر ويخرج بالنتائج ، ولا يكتفي بمجرد النظرة العابرة والانطباع العام ، منهجٌ موضوعيّ خالص ، مجرّدٌ من كل الاعتبارات الذاتية والأحكام المسبقة والميول النفسية .

كتاب عصر العلم ..
على أية حال ، يقع كتاب الدكتور أحمد زويل ، الذي يحمل اسم (عصر العلم) في نحو مائتين وستين صفحة ، ويتألف من قسمين اثنين ، أولهما ضمَّ السيرة الذاتية الموجزة للكاتب ، ابتداءً من طفولته ونشأته ودراسته في مصر ، مروراً بسفره إلى الولايات المتحدة وإتمامه الدراسة هناك ، ثم عمله في التدريس والبحث في واحدة من أعرق جامعاتها ، ولحين حصوله على جائزة نوبل عام 1999 ، أما القسم الثاني من الكتاب فاشتمل على محاضرات كان قد ألقاها الدكتور زويل ، أو مقالات نشرها ، أو لقاءات صحفية أجريت معه ، وقد تضمن هذا الجزء العديد مـن الأفكار والآراء والمعلومات القيمة التي تستحق التوقف والبحث والتفكّر .

الفضول العلمي ..
من خلال السيرة الذاتية للدكتور زويل ، يتضح للقارئ أن الرجل يمتلك فعلاً مؤهلات العالِم المتميّز الذي يخترع أو يكتشف أو يفسّر الظواهر ، ويترك أثراً في كل الأحوال ، فقد كان زويل متفوقاً في دراسته في مجال العلوم الطبيعية منذ صغره ، واستمر تفوقه هذا في دراسته الجامعية للكيمياء . ولكن الأهم مـن ذلك أنه كان يملك فضولاً علمياً واضحاً ، وتلك ـ فيما أرى ـ أهم سمة تحفز على البحث والتقصي والتجربة ، وتثير في النفس حماساً يدفع إلى الاستمرارية والمثابرة لحين الوصول إلى النتيجة .

الإستغراق في العمل ..
وفوق هذا وذاك ، فإن الدكتور زويل كان يملك ـ وفقاً لما استنتجت ـ قدرة على (الاستغراق) في عمله ، وهذا الاستغراق نوع من الانهماك في العمل ، ينسى معه المرء ذاته وما حوله ، ويركّز كل فكره وحواسه على ما بين يديه ، حيث يذكر صاحبنا أنه كان يستمر في المعمل خمس عشرة ساعة متواصلة ، وكان يترك عملـه الساعة الثانية بعـد منتصف الليل ، أضف إلى كل ما تقدم أن سيرته تدل على أنه واثق وطموح ومتفائل ، وعلاقته بماضيه في مصر إيجابية ، مثلما أن تفاعله مع المجتمع الأمريكي إيجابي كذلك .

مواجهة التحديات ..
لم تكن طريق الدكتور زويل إلى نوبل ممهدة وسهلة   ومن ذلك مثلاً أنه رغم تخرجه في جامعة الاسكندرية بدرجة الإمتياز ، فقد فوجئ حين التحق بجامعة بنسلفانيا بأن مستواه أقل بكثير من الطلبة الذين تخرجوا في الولايات المتحدة ، كما وجد صعوبة في التعامل مع الأجهزة العلمية المتطورة التي لم تكن متاحة في بلده ، ولم يكن يعرف أسلوب كتابة التقارير العلمية وفق السائد في الولايات المتحدة ، لكنه تحدّى كل هذه العقبات ، حتى أنه كان يَحضُرُ دروساً في الفيزياء والكيمياء كمستمع ، ويراجع المكتبة للاطلاع على العديد من الموضوعات التي لم يكن متمكناً منها كباقي زملائه في الدراسات العليا   وحين حصل على الدكتوراه وتقدم بطلب منحة لدراسة ما بعد الدكتوراه إلى خمس جامعات ، حصل على منح مغرية من الجامعات الخمس  !

الجامعة التي لم تقبل أن يعمل فيها ..
لقد كان تفوق الدكتور زويل يفتح له أبواباً واسعة ، ويتيح له فرصاً متعددة ، فحين تقدم بطلبات عمل إلى خمس جامعات وردته موافقة من أربعة منها ، أما الخامسة فلم تقبله لأسباب ذاتية غير موضوعية ، وحين حصل على جائزة نوبل بعد أعوام طويلة ، دعته تلك الجامعة لإلقاء محاضرة ، فذكّر أعضاء هيئة التدريس فيها بأنه كان قد تقدم للعمل لديهم ولم يلقَ لديهم قبولاً .

دعم البحث العلمي ..
وفي سرد الدكتور زويل لوقائع دراسته وعمله وأبحاثه في الجامعات الأمريكية إضاءات مهمة على ما يلقاه البحث العلمي من أهمية في الولايات المتحدة ، من حيث ما يقدم للباحثين الشباب من دعم ، إذ يقدم لكل منهم مختبر ، وأجهزة ، ودعم مالي ، وسكرتيرة ، وإمكانيات للحصول على مزيد من التمويل ، سواء من الحكومة أو من مؤسسات المجتمع المدني ، أو من الأفراد المقتدرين.
ولا يتيح المقام ـ بطبيعة الحال ـ سرد الأفكار التي تحدّث فيها الدكتور زويل في الجزء الثاني من الكتاب ، حول أهمية العلم والتكنولوجيا وواقع المجتمع العربي في هذا المجال ، وإمكانيات التطوير ، لكن من الأفكار التي وددتُ الإشارة إليها ، ما ذكره حول أن الإحصاءات تشير دائماً إلى وجود تقارب بين نسبة اسهام الدول في الأبحاث العلمية ونسبة حصتها من الناتج الإجمالي العالمي ، أو لنقُل على الأقل إنه كلما زادت نسبة اسهام الدولة (أو مجموعة الدول) في الأبحاث العملية كان اسهامها في الناتج العالمي أكبر   ويذكر زويل أن الأوراق العلمية التي نشرت خلال السنوات الخمس الماضية (يعود هذا الكلام للعام 2002) بلغت 5ر3 مليون ورقة موزعة كما يلي : 37% منها للاتحاد الأوروبي ، و34% للولايات المتحدة ، و21% لدول أسيا على المحيط الهادئ ، و2ر2% للهند ، و3ر1% لاسرائيل ، وبذلك يزيـد اسهام الأخيرة ـ رغـم أنها دولة واحدة لا يتجاوز سكانها الستة ملايين ـ عن أضعاف ما نشرته الدول العربية مجتمعة من أبحاث ، حيث أن نسبة ما نشرته يدور حول الصفر و3ر0% 0 كما يشير الدكتور زويل إلى دراسات تظهر أن نسبة دخل الفرد ونسبة الأمية ونسبة البطالة ونسبة المشاركة في الأبحاث العلمية في المجتمع العربي ، كلها تعتبر من أسوء النسب على مستوى العالم كله .

حكمة وعبرة ..
وأخيراً ، أُحبُّ أن أنقل العبارات التالية من كتاب الدكتور زويل بنصِّها ، فإني أجد فيها حكمـة وعبرة ، فهو يقول : (( لقد كان اليابانيون يعاملون بدرجة عالية من الإهمال وعدم التقدير فـي الولايات المتحدة ، وكان أن ابتلع اليابانيون مرارة الهزيمة ، ولم يتحدثوا كثيراً ولم يحاربواً أمريكا بالكلام ، كما لم تكن مهمة الصحافة اليابانية نقد الولايات المتحدة ليل نهار ؛ بل كان الرد هو التجربة اليابانية في التنمية ، والتي وصلت إلى درجة المعجزة ، وغزا اليابانيون الولايات المتحدة بالسلع والمنتجات ، وبعد أن كانت اليابان خالية مـن جوائز نوبل على سبيل المثال حصدت فـي هذه الفترة أكثر من عشر جوائز   بل إن الاقتصاد الياباني قد حمل معه ثقافته إلى الولايات المتحدة   ))  

Facebook.com/Ibrahim.kasht

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF