د. عميش يوسف عميش- سميت صمد بهذا الاسم نسبة إلى وقوعها على قمة جبل عال وكذلك نسبة إلى صمودها ضد غزو العثمانيين. تقع صمد في جنوب محافظة اربد – في لواء المزار الشمالي. وهي محاطة بالوديان من أربع جهات ومساحتها (60) ألف متر مربع. وتبعد عن مدينة اربد (20) كم شمالا وعن عجلون (18) كم جنوبا وعن جرش (12) كم شرقا. أما بلدة المزار الشمالي فهي مرتبطة بصمد وتبعد 2 كم فقط . يعود تاريخ صمد إلى (2000) عام وذلك بدليل وجود الكنيسة القديمة وكذلك الجامع الأقل قدما إضافة إلى وجود أثار قديمة. في عام 1930حاولت بعض القرى المحيطة بقرية صمد بدخول واقتحام صمد بسبب سوء فهم كان قد حصل بين أهل هذه القرى، لكنهم لم يستطيعوا دخولها وبقي الأمر كذلك حتى تم خروج بعض أهلها منها. لقد سكن صمد أردنيون مسلمون ومسيحيون وكانت الإخوة وروح العائلة موجودة بينهم يقفون مع بعضهم البعض وقت الشدائد، ويدافعون عن البلدة ضد الغزاة العثمانيين ، وكانوا يتزاورن ويشاركون الأعياد معا حيث تفتح بيوتهم في كل الأعياد الإسلامية والمسيحية . حتى أن مختار القرية كان في الغالب من العائلات المسيحية. أما العائلات التي سكنت صمد منذ بداية القرن التاسع عشر. فالعائلات المسلمة (1)البدور ويشكلون نصف سكان القرية (2) الحسينات (3) دلوع (4) أبو دلو (5) الجرامشة (6) العبادة (7) أبو عفيفة . أما العائلات المسيحية فكانت (1) العميشات (2) النمري (3) حداد (4) الحناحنة . وكانت القرية غنية بزراعة العنب والزيتون والتين ، لكن في الستينات تعرضت لمرض قضى على معظم أشجارها . ومع ذلك ظلت الأرض في الوديان والمحيطة بها تزرع بالحنطة والشعير والبندورة والقثى . ونظرا لحالة طرق القرية المتدهورة من حيث الخدمات وتقهقر الزراعة هاجر الكثيرون من أهل صمد في الأعوام (1965-1970) إلى عمان واربد والحصن و ايدون -بحثا عن حياة أفضل وبقي عدد قليل من العائلات. لكن البيوت القديمة بأحجارها وعقودها والأرض والبيادر لا تزال ملكا باسم الذين نزحوا عنها ولم يتخلوا عنها كما هاجر قسم كبير أيضا إلى أمريكا . كان عدد سكان صمد قبل عام 1965 (7500) نسمة وكان فيها شارع رئيسي وشوارع فرعية تربطها بالمدن والقرى المجاورة. وكان فيها خدمات الماء والكهرباء والهاتف وحوالي (50) بئر ماء وبركة مياه رومانية. وكان فيها مدرسة للذكور والإناث ومركز صحي ودكاكين. لقد حدث في السنوات العشرين الأخيرة تطور في الإسكان من حولها حيث بنيت صمد جديدة خارج القرية بلغ عدد السكان فيها 2000نسمة . أما القرية فلم يبقى فيها أكثر من 50 شخصا وسبعة منازل. كما ذكرت اشتهرت صمد بزراعة الزيتون والتين وكانت مشهورة بزيت الزيتون المستخرج منها بلونه وطعمه. وظلت كذلك حيث تجددت الزراعة في المنطقة الجديدة من صمد . كذلك هناك العديد من مقالع الحجر (الكسارات) التي تصدر الحجارة للبناء للمناطق والقرى المجاورة الأخرى . صمد الجديدة فيها مباني حديثة وخمسة مساجد - وكذلك مدرستان أساسيتان للذكور ومدرسة للإناث ابتدائية وإعدادية و مدرسة ثانوية – ومحطة ماء ، ومحطة وقود ، إن صمد الجديدة تضم مناطق (الرحمة ، والزعترة والإبراهيمية ) . ورغم ذلك فان المواصلات لا تزال غير مقبولة وظاهرة هجرة السكان بازدياد.
أما المواقع الأثرية في صمد فاهمها ( كنيسة قرية داريا) وتقع على بعد 5كم جنوب شرق صمد. أما سبب التسمية فهو غير معروف لكن ربما نسبة إلى قرية داريا في غوطة دمشق وسميت نسبة إلى القول (داراني عل غير قياس ). اما داريا صمد فهي موقع اثري كبير المساحة ويرتفع 900م عن سطح البحر والموقع فيه مقابر أثرية ومحاط بوديان وأشجار حرجية. أما إلى المغرب فيوجد (تل زنبوط) الأثري . وللشمال الغربي توجد (خربة جاريا).
يقول السيد وجيه كراسنه من مكتب آثار اربد في دراسة له تم نشرها في (حولية دائرة الآثار العامة ) (1995) انه بناء على إخبارية وردت لشرطة اربد في 29/8/1995 بوجود اعتداء وتجريف في منطقة شرق الزعترة من قبل لصوص الآثار بحجة البحث عن دنانير ذهب عندها تم الكشف عن الموقع حيث تبين وجود رقعة فسيفساء ملونة . وفي ايلول من ذات العام ، بدأ العمل في حفرية إنقاذية للموقع للكشف عن باقي الأرضية الفسيفسائية واستمر العمل حتى نهاية عام 1995.
إن تاريخ كنيسة خربة داريا يعود الى القرن السادس الميلادي وذلك بدليل وجود اسم كاهن الكنيسة (كوزماسودميانوس) محفورا بالإضافة إلى مقارنة للكنائس التي وجدت في الأردن مثل كنيسة اشعيا في جرش وغيرها . وكذلك من خلال المخلفات الأثرية مثل الكسر الفخارية التي تعود للفترتين الأموية والبيزنطينية .
المهم أن الآنسة أسمى محمود خليلي – تخصص آثار – جامعة اليرموك قدمت دراسة لنيل شهادة الماجستير عام (2003) وكانت الدراسة شاملة وموثقة ومهمة وقد كان الهدف من الدراسة وضع خطة لصيانة وترميم وإعادة تأهيل قرية صمد لغايات حماية هذه القرية الأثرية وشبه المهجورة وذلك لإحياء وجودها وتشجيع السياحة إلى تلك المنطقة.