محمود الزواوي
فيلم «المحوّلون: الجانب المظلم للقمر» (Transformers: Dark of the Moon) هو تاسع الأفلام الروائية الطويلة للمخرج مايكل باي الذي يشتمل رصيده الفني أيضا على عدد من الأفلام التسجيلية القصيرة وأفلام الفيديو الموسيقية، وهو أيضا منتج وممثل سينمائي. وهذا الفيلم هو الجزء الثالث في سلسلة أفلام الخيال العلمي «المتحولون» للمخرج مايكل باي والمنتج ستيفين سبيلبيرج، أحد أشهر وأنجح المخرجين السينمائيين في هوليوود. وتشتمل هذه السلسلة أيضا على فيلمي «المحولون» (2007) و»المحولون: انتقام الضحايا» (2009) اللذين حققا نجاحا جماهيريا كبيرا وبلغت إيراداتهما العالمية الإجمالية على شباك التذاكر 1,546 بليون دولار.
يستند فيلم «المحولون: الجانب المظلم للقمر» إلى سيناريو للكاتب السينمائي إرين كروجر الذي شارك في كتابة سيناريو الفيلم السابق في هذه السلسلة «المحولون: انتقام الضحايا». ويعود في الفيلم الجديد معظم ممثلي الفيلمين السابقين، وفي مقدمتهم شيا لابيوف وتيريز جيبسون وجوش دوهاميل وجو تيرتيرو. وتغيب عن هذا الفيلم بطلة الفيلمين السابقين ميجان فوكس نتيجة خلافات وقعت بينها وبين مخرج الفيلم مايكل باي حول أسلوبه الصارم في الإخراج وفي التحكم في الممثلين في الفيلمين السابقين. وحلت محلها في الفيلم الجديد الممثلة روزي هنتجنتون ? ويتلي.
يواصل فيلم «المحولون: الجانب المظلم للقمر» قصص وأحداث وشخصيات الفيلمين السابقين في هذه السلسلة السينمائية التي تستند إلى مسلسل تلفزيوني من مسلسلات الرسوم المتحركة الأميركية التي عرضت في ثمانينيات القرن الماضي. وتتعلق قصص هذه الأفلام بالصراع بين مجموعتين من الكائنات الآلية القادمة من الفضاء الخارجي، وهما مجموعتا «أوتوبوتس» التي تمثل عناصر الخير ومجموعة ديسيبتيكونز التي تمثل عناصر الشر.
تبدأ أحداث فيلم «المحولون: الجانب المظلم للقمر» في العام 1961 خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الأسبق جون كنيدي، حيث تهبط المركبة الفضائية «أرك» القادمة من الكوكب الخيالي سيبرترون هبوطا اضطراريا على الجانب الآخر للقمر، وهي محمّلة باختراع قادر على إنهاء الحرب المستعرة بين مجموعتي الأوتوبوتس والديسيبتيكونز. وتشتمل أحداث الفيلم على تداخل بين الأحداث الخيالية والتاريخية غير الدقيقة، حيث تكتشف وكالة الفضاء الأميركية حادث الهبوط على سطح القمر، ويخوّل الرئيس كنيدي الوكالة بإنزال رجل على سطح القمر كتغطية للتحقيق في موضوع المركبة الفضائية القادمة من الفضاء الخارجي. وتهبط المركبة الفضائية الأميركية أبوللو 11، وطاقمها من رواد الفضاء، في العام 1969 للتعرف على طبيعة المركبة الفضائية القادمة من الفضاء الخارجي. كما تهبط على سطح القمر في سياق قصة الفيلم مركبة فضائية روسية، في إشارة واضحة إلى السباق بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي السابق في ستينيات القرن الماضي للوصول إلى القمر أولا.
ومع أن قصة الفيلم تظهر أن مركبة فضائية روسية مأهولة، أي على متنها رواد فضاء، هبطت على سطح القمر، فإن ذلك لم يتحقق بالفعل، مع أن الاتحاد السوفييتي كان سبّاقا في إنزال أول مركبة فضائية غير مأهولة، أي بدون رواد فضاء، على سطح القمر في العام 1959. وقد أنزلت الولايات المتحدة أول مركبة فضائية مأهولة على سطح القمر في العام 1969 بالفعل، وكان على متنها رائد الفضاء نيل أرمسترونج الذي كان أول إنسان يسير على سطح القمر. كما أنزلت الولايات المتحدة مركبة فضائية غير مأهولة على سطح القمر في العام 1962، وقامت بست رحلات مأهولة إلى القمر بين العامين 1969 و1972.
ومن الشخصيات الكثيرة التي نتعرف عليها في أحداث قصة الفيلم سام ويتويك (بطل الفيلم الممثل شيا لابيوف) وحبيبته كارلي سبنسر (الممثلة روزي هنتنجتون ? ويتلي).
تنتقل أحداث ومغامرات قصة فيلم «المحولون: الجانب المظلم للقمر» إلى العقود اللاحقة، حيث يقدم الأوتوبوتس مساعدات لسكان الأرض. وخلال رحلة إلى شيرنوبيل في روسيا للتحقيق في تكنولوجيا جديدة يشتبه بأنها قادمة من الفضاء الخارجي يتم اكتشاف قطعة من المركبة الفضائية «أرك». ويتوجّه الأوتوبوتس إلى القمر لتحري المهمة السرية للمركبة الفضائية القادمة من الفضاء الخارجي ويقومون بنقل التكنولوجيا الجديدة التي تعرف باسم «الجسر الفضائي» القادر على نقل المادة بين نقطتين، إلى كوكب الأرض.
ويكتشف الأوتوبوتس خلال تجولهم أن الديسيبتيكونز يقومون بقتل رواد الفضاء الأميركيين والروس الذين لهم علاقة بالرحلات الفضائية إلى موقع هبوط المركبة الفضائية «أرك» على سطح القمر. ويعثرون هناك على رائدين فضائيين روسيين من الناجين واللذين يكشفان عن صور لمئات الجسور الفضائية المكدسة على سطح القمر والتي تستخدم فيما بعد لنقل المئات من الديسيبتيكونز من القمر إلى كوكب الأرض، حيث يقومون بنفي الأوتوبوتس من الأرض وباختطاف الشابة كارلي التي تبلّغ من مختطفها بأن الديسبتيكونز بقومون بنشر الجسور الفضائية حول الأرض ويعتزمون نقل موطنهم الكوكب الخيالي المدمر سيبرتيرون إلى مجرة درب التبانة التي يقع فيها كوكب الأرض لاستخدام مواردها وسكان الأرض المستعبدين لإعادة بناء عالمهم المدمر. وبالتعاون بين الأوتوبوتس والجنود البشر ينجح سام في إنقاذ حبيبته كارلي وفي تصفية الديسيبتيكونز في سلسلة من المطاردات والمعارك المثيرة. وفي النهاية يلتئم شمل سام وكارلي فيما يتخذ الأتوبوتس من الأرض موطنا لهم.
انضم فيلم «المحولون: الجانب المظلم للقمر» إلى سلسلة أفلام الخيال العلمي والحركة والمغامرات التي واصلت هوليوود تقديمها هذا العام. ويشترك هذا الفيلم مع تلك الأفلام في التركيز على تقديم الأحداث الخيالية الخارقة التي لا تمت للواقع بصلة، وحيث يطلق العنان لخيال الكتّاب السينمائيين في التحليق إلى آفاق جديدة في تأليف القصص السينمائية الحافلة بالمطاردات والمغامرات والمعارك المثيرة التي تعتمد على أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا السينمائية باستخدام المؤثرات الخاصة والبصرية. ويتم كل ذلك على حساب حبكات القصص السينمائية التي لم تعد عنصرا أساسيا في قصص هذه الأفلام. وقد توالت هذه الأفلام الملحمية على تصدر قائمة الأفلام التي تحقق أعلى الإيرادات في صالات العرض السينمائي. ففي كل أسبوع تقريبا يحل فيلم جديد محل فيلم سبقه على تلك القائمة.
وسجل فيلم «المحولون: الجانب المظلم للقمر» عددا من الأرقام القياسية في الإيرادات على شباك التذاكر. وصعد في أسبوعه الافتتاحي إلى قمة قائمة الأفلام التي حققت أعلى الإيرادات في صالات العرض الأميركية، وتربع على القمة خلال الأسابيع الثلاثة الأولى لعرضه. وبلغت إيراداته العالمية الإجمالية 1,011 بليون دولار خلال الأسابيع الخمسة الأولى لعرضه، علما بأن تكاليف إنتاجه بلغت 195 مليون دولار. ويضعه ذلك في المركز الثاني من حيث الإيرادات بين أفلام العام 2011.
تنعكس التكاليف الإجمالية والمتطلبات الفنية لإنتاج فيلم «المحولون: الجانب المظلم للقمر» في الطواقم الفنية التي تطلبها هذا الفيلم والتي زاد عدد المشاركين فيها على 1500 شخص. وشمل ذلك 690 من مهندسي وفنيي المؤثرات البصرية والخاصة و101 في القسم الفني و126 من البدلاء و115 في التصوير وإدارة المعدات الكهربائية و28 في قسم الصوت و23 في الرسوم المتحركة، بالإضافة إلى ثمانية من مساعدي المخرج.