د.يوسف بن مصطفى مشعل - الحمد لله مبلِّغ الراجي فوق مأموله، ومعطي السائل زيادة على مسؤوله، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحده لا شريك له بيده الخير وهو على كل شئ قدير، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله الله رحمة للعالمين.
أما بعد: أيها المسلمون: من الآداب المستحبة 1) السحور: وهو الأكل في آخر الليل سمي بذلك لأنه يقع في السحر، فقد أمر النبي به فقال: ((تسحروا فأن في السحور بركة)) متفق عليه، وأثنى النبي على سحور التمر فقال:((نِعم سحور المؤمن التمر)) رواه أبو داوود. وتأخير السحور من السنة لأنها رفق بالصائم وأسلم من النوم عن صلاة الفجر.
ومن آداب الصيام المستحبة تعجيل الفطور إذا تحقق غروب الشمس بخبر موثوق بآذان أو غيره، قال النبي:((لا يزال الناس بخير ما عجَّلوا الفطر)) متفق عليه. والسنة أن يُفطر على رطب، فإن لم يكن فتمر، فإن لم يوجد فماء، لقول أنس:((كان النبي يفطر قبل أن يصلي على رطبات، فإن لم تكن رطبات فتمرات، فإن لم تكن تمرات حسا حسوات من ماء)) رواه أحمد. فإن لم يوجد ذلك كله فما تيسر من طعام أو شراب حلال.
فإن لم يجد شيئاً نوى الإفطار بقلبه ولا يمص إصبعه أو يجمع ريقه ويبلعه كما يفعل بعض العوام.
وعن ابن عمر أن النبي كان إذا أفطر يقول:((ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله)) إسناده حسن.
ومن آداب الصيام المستحبة تلاوة القرآن والذكر والدعاء والصلاة والصدقة، وفي صحيح ابن خزيمة وابن حبان أن النبي قال:(( ثلاثة لا ترد دعوتهم منهم: الصائم حتى يفطر ...)) رواه أحمد والترمذي.
ومن آداب الصيام المستحبة أن يستحضر الصائم نعمة الله عليه بأن جعله الله ممن يصوم شهر رمضان ويقومه، فكثير من الناس حُرموا الصيام إما بموتهم قبل بلوغه أو بعجزهم عنه أو بضلالهم. فالصحابة والتابعون كانوا يدعون الله أن يبلغهم رمضان وبعد الصيام يدعون الله أن يتقبل منهم صيامه وقيامه ويجعلهم من عتقائه من النار.
أيها المسلمون: تأدبوا بآداب الصيام، وابتعدوا عن أسباب الغضب والانتقام، وتحلوا بأوصاف من سبق، فإنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما صلح به أولها.
قال ابن رجب: الصائمون على طبقتين: الأولى: من ترك طعامه وشرابه وشهوته لله يرجو الجنة فالله لا يضيع أجر من أحسن عملا قال الرسول الكريم:((إنك لن تدع شيئا اتقاء لله إلا أتاك الله خيرا منه)) أخرجه أحمد.
والثانية: من يصوم في الدنيا عما سوى الله فيحفظ الرأس وما حوى والبطن وما وعى ويذكر الموت والبلى فعيد فطره يوم لقاء ربه.