محمود الزواوي - فيلم «الفانوس الأخضر»(Green Lantern) هو الفيلم الروائي الطويل الرابع عشر للمخرج النيوزيلندي مارتن كامبيل الذي تشتمل أعماله على عدد من أفلام الحركة والمغامرات المتميزة، ومنها فيلم «قناع زورو» (1998) و»أسطورة زورو» (2005) و»كازينو رويال» (2006)، وهو من أفلام سلسلة الجاسوس البريطاني الخيالي جيمس بوند، و»»حافة الظلام» (2010). ويشتمل الرصيد الفني لهذا المخرج أيضا على إخراج 12 مسلسلا تلفزيونيا.
شارك في كتابة سيناريو فيلم «الفانوس الأخضر» الكتّاب السينمائيون جريج بيرلانتي ومايكل جرين ومارك جوجينهايم ومايكل جولدينبيرج استنادا إلى قصص وشخصيات المسلسلات الهزلية المصورة «الفانوس الأخضر» التي اشترك في تأليفها الكاتب بيل فينجر والفنان مارتن نوديل وبدأ صدورها في العام 1940.
فيلم «الفانوس الأخضر» فيلم ملحمي من أفلام الخيال العلمي والحركة والمغامرات التي تتعلق بشخصيات ومغامرات وأحداث خارقة يقع معظمها بين المجرات في الفضاء الخارجي. وتعتمد مثل هذه الأفلام على براعة استخدام أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا السينمائية والمؤثرات الخاصة والبصرية، إضافة إلى المقومات الفنية الأخرى.
تبدأ قصة وأحداث فيلم «الفانوس الأخضر» قبل ملايين السنين من تكوين كوكب الأرض، حيث قامت مجموعة من الكائنات تعرف بحراس الكون بإنشاء قوة شرطية لحماية السلام والعدل في الكون تدعى فيلق الفوانيس الخضر، وبتقسيم الكون إلى 3600 قطاع. ويشمل هذا الفيلق رابطة أخوة من المحاربين الذين يمثلون الأعراق المختلفة من سائر أنحاء الكون ممن قطعوا الوعد على المحافظة على استتباب الأمن والنظام بين المجرات. ويستخدم كل من يحمل لقب الفانوس الأخضر خاتما يمنحه قوى خارقة بعد أن يؤمن بانتصار الإرادة والتغلب على ضعف الخوف. إلا أن عنصرا شريرا يدعى بارالاكس (صوت الممثل كلانسي براون ) يخرج عن الصف ويفر من السجن ويتمكن من قتل أربعة من الفوانيس الخضر ومن تدمير كوكبين وإصابة عدوه اللدود أبين سور (الممثل تيمويرا موريسون ) الذي كان قد هزمه في وقت سابق وزج به في السجن. ويتمكن أبين سور المصاب إصابة بالغة من الفرار حيث تهبط مركبته الفضائية هبوطا اضطراريا على كوكب الأرض، ويأمر خاتمه بالبحث عن خلف له في الكوكب. ويقع اختيار الخاتم على طيار الاختبار هال جوردان (الممثل ريان رينولدز) الذي يقوم أبين سور بتعيينه كفانوس أخضر قبل أن يفارق الحياة. وفيما يقوم جوردان بشحن الخاتم ينتقل فجأة إلى كوكب «أوا» مقر فيلق الفوانيس الخضر حيث يتلقى التدريب. ويلتقي زعيم الفيلق سينيسترو (الممثل مارك سترونج) الذي لا يوافق مع كثيرين غيره على انضمام «إنسان» إلى الفيلق، بسبب نظرتهم المتعالية نحو الحضارة المتواضعة لبني البشر. وتبعا لذلك يقرر جوردان العودة إلى كوكب الأرض، محتفظا بالخاتم وببطارية شحنه.
وينجح جوردان باستخدام الخاتم في إنقاذ السناتور روبرت هاموند (الممثل تيم روبنز) بعد أن يحاول ابنه العالم المضطرب هيكتور هاموند (الممثل بيتر سارسجارد) أن يقتله. كما ينجح جوردان في إنقاذ ضيوف السناتور، بمن فيهم حبيبته منذ الطفولة وطيارة الاختبار كارول فيريس (الممثلة بليك لايفلي).
تحدث بعد ذلك مواجهة بين جوردان وهيكتور هاموند الذي ينجح في محاولته الثانية في قتل والده. ويدرك الاثنان أن الشرير بارالاكس يتوجه نحو كوكب الأرض. في غضون ذلك يطلب سينيسترو في الكوكب «أوا» من حراس الكون أن يصنعوا خاتما أصفر لمحاربة بارالاكس الذي يستمد قوته من خاتمه الأصفر، فيما يعرب سينيسترو عن استعداده للسماح لبارالاكس بتدمير كوكب الأرض مقابل حماية الكوكب «أوا». ويصل جوردان إلى الكوكب «أوا» ويطلب من فيلق الكون مساعدته في حماية كوكب الأرض من الغزو الوشيك لبارالاكس، إلا أن طلبه يقابل بالرفض، ولكن يسمح له بالعودة إلى كوكبه لمحاولة حمايته. وعند عودته ينجح في إنقاذ حبيبته كارول من هيكتور هاموند. وعند وصول بارالاكس إلى كوكب الأرض يقوم بقتل هيكتور هاموند لأنه فشل في قتل جوردان. وفي النهاية ينجح جوردان في إبعاد بارالاكس عن كوكب الأرض في اتجاه الشمس مستخدما جاذبيتها لجذب بارالاكس والقضاء عليه. ويصل سينيسترو وفريق الفوانيس الخضر الذين يهنئون جوردان على شجاعته، فيما يبلغ جوردان حبيبته كارول بأنه يتحمل الآن مسؤولية حماية منطقته من الكون كفانوس أخضر.
يظهر هذا العرض لقصة وأحداث فيلم «الفانوس الأخضر» أن هذا الفيلم يشتمل على العناصر التقليدية لأفلام الخيال العلمي التي تعتمد على الحركة والمغامرات والمعارك المثيرة على حساب الجانب الجدي لحبكة القصة. ومن ضمن ذلك عناصر الخير التي تحتاج عادة إلى عناصر الشر لإحداث التوازن المطلوب في حبكة القصة، والتأكيد على عامل الإثارة والتشويق. ويتمثل عنصر الخير الرئيسي في هذا الفيلم في طيار الاختبار هال جوردان، وهو من بني البشر من سكان كوكب الأرض، فيما يمثل عنصر الشر الرئيسي بارالاكس، وهو من كائنات الفضاء الخارجي من كوكب في مجرة أخرى.
وتشتمل حبكة قصة الفيلم على شخصيات ومغامرات وأحداث خيالية خارقة تتحدى قوانين الطبيعة، كاكتساب قوة خارقة بمجرد امتلاك الخاتم الأخضر، أو الانتقال كلمح البصر من كوكب الأرض في مجرة درب التبانة إلى كوكب آخر في مجرة أخرى، أو إنجاز أي شيء مهما كان مستحيلا بمجرد أن يتخيله بطل الفيلم ويرغب في تحقيقه. ويفترض في المشاهد أن يتقبل هذه الأعمال الخارقة كأحداث وتطورات عادية مسلّم بها وأن لا يأخذها مأخذ الجد لأن الغرض الأساسي منها هو إطلاق العنان لخيال المشاهد إلى آفاق جديدة لا تعرف حدودا في مجال الترفيه والإثارة التي تقدمها السينما على أيدي كتّاب ومخرجين وفنيين سينمائيين مبدعين وواسعي الخيال.
وتتحول الشخصيات والمغامرات والأحداث الخيالية في فيلم «الفانوس الأخضر» وغيره من أفلام الخيال العلمي والحركة والمغامرات إلى شخصيات ومغامرات وأحداث واقعية بفضل ما توصلت إليه التكنولوجيا السينمائية من تقدم باستخدام المؤثرات الخاصة والبصرية التي أصبحت جزءا أساسيا من هذا اللون السينمائي. وتنفق هوليوود على هذه المؤثرات بسخاء، حيث تتراوح تكاليف إنتاج هذه الأفلام بين 150 مليونا و250 مليون دولار في المعدل. ومما يقوله عميد نقاد السينما الأميركيين روجر إيبيرت حول ذلك «من السخافات التي يشتمل عليها العديد من أفلام البطل الخارق ما يتعلق بإضفاء قدر كبير من الجدية والوقار وإنفاق ملايين الدولارات على المؤثرات الخاصة في محاولة لتغيير حبكات القصص السخيفة».
يتميز فيلم «الفانوس الأخضر» ببراعة المخرج مارتن كامبيل في تقديم عمل سينمائي يشتمل على العديد من المقومات الفنية المتميزة، مضيفا إلى رصيده السابق في أفلام الخيال العلمي والحركة والمغامرات. كما يتميز الفيلم ببراعة استخدام المؤثرات الخاصة والبصرية المبهرة التي استخدم فيها 430 مهندسا وفنيا. كما يتميز الفيلم بأداء عدد من ممثليه، وفي مقدمتهم بطل الفيلم الممثل ريان رينولدز وعدد من الممثلين المساعدين القديرين مثل بيتر سارسجارد وتيم روبنز وأنجيلا باسيت ومارك سترونج.
صعد فيلم «الفانوس الأخضر» إلى قمة قائمة الأفلام التي تحقق أعلى الإيرادات في دور السينما الأميركية في أسبوعه الافتتاحي، وبلغت إيراداته العالمية الإجمالية 144 مليون دولار خلال الأسابيع الثلاثة الأولى لعرضه، علما بأن تكاليف إنتاجه بلغت 200 مليون دولار.