خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

صادق الشرع.. من القيادة العسكرية إلى الخدمة العامة

صادق الشرع.. من القيادة العسكرية إلى الخدمة العامة

No Image
طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ

اثبت مقدرة في الإدارة المدنية، لا تقل عن حرفيته العسكرية، فبعد نجاحه في دائرة الجوازات والأحوال المدنية، تم تعيينه محافظاً لمدينة اربد، حيث كان على تماس مباشر مع الناس وقضاياهم، وأسهم في تمتين الأواصر الاجتماعية، وحل كثير من المشاكل الأمنية والعشائرية.


هزاع البراري

 على موعد مع المفاصل المرحلية الحاسمة منذ ولادته، فرغم صمته العميق، فقد كان عسكرياً محترفاً من طراز فريد، وعندما تسلم المناصب السياسية، كرس نفسه كعادته لخدمة وطنه.
  هكذا كان الراحل   صادق الشرع،مجدداً الولاء في كل مرحلة للقيادة الهاشمية التاريخية، وينتمي الشرع إلى جيل المؤسسين الأوائل، الذين وقع على كاهلهم النهوض بالوطن، في ظل ظروف اقتصادية وإقليمية وعسكرية غاية في الصعوبة والتعقيد.
  تمكن مع رجالات تلك المرحلة، الذين استمروا يشدون حبل الولاء والعمل المخلص جيلاً بعد جيل، وتمكنوا من ترك بصماتهم الواضحة، على جبين فترة شائكة ومفعمة بالأحداث، التي كان من شأنها أن تغير معالم المنطقة كاملة، لولا رجال خلص، هاجسهم الوطن الغالي، والمنافحة عن الأرض العربية، مهما كان الثمن غالياً، والعبء ثقيلاً.
ولد صادق الشرع بُعيد إعلان تأسيس إمارة شرق الأردن عام 1921، فكانت بلدة حوارة، إحدى ابرز بلدات محافظة اربد حالياً، مسقط رأسه ومربى طفولته، حيث ولد فيها عام 1923، وكانت بلدات شمالي الأردن، تضج بالحركة، منفتحة على الحراك السياسي، والنضالي القومي التحرري في سوريا وفلسطين، فلم ينقطع أهالي هذه المنطقة عن المشاركة في مجابهة المستعمرين في سوريا، وخوض معارك طاحنة إلى جانب المقاومين في الثورة الفلسطينية، فصادق الشرع الذي تربى كواحد من أبناء القرى، مواجهاً ما واجهه أقرانه من فقر وقلة الخدمات العامة.
تشرب منذ نعومة أظفاره الحس القومي الواعي، وتعلم من مدرسة الحياة، ما جعل منه واحداً من رجالات الوطن المشهود لهم، وقد التحق الشرع بمدرسة حوارة، حيث درس فيها المرحلة الابتدائية، فتميز بالنباهة والذكاء، والقدرة في التحصيل الدراسي.
وفي سبيل إكمال دراسته الإعدادية والثانوية، انتقل إلى مدينة اربد ملتحقاً بمدرسة المدينة الشمالية، وكان من بين زملائه في هذه المدرسة عز الدين التل وصلاح أبو زيد ويوسف وقدري التل، وكانت رغبته في الدراسة والاستزادة من المعرفة واضحة، وقد اضطرته هذه الرغبة، إلى ترك بلدته ومغادرته مدينته اربد، والرحيل إلى مدينة السلط، التي ضمت أول مدرسة ثانوية في الأردن، والتي قصدها عدد كبير من شباب الأردن في تلك الفترة، من مختلف المدن للحصول على شهادة الثانوية العامة، وقد تأثر الشرع خلال دراسته في ثانوية السلط، بأساتذته من ضمنهم حسني فريز وحسن برقاوي وجميل العيناوي وصبحي حجاب، وقد كان لهؤلاء المعلمين دور مؤثر في بناء فكر ووجدان الشرع، في تفتح وعيه على القضايا والوطنية والقومية، وصار مهتماً بما يحدث على ساحة الوطن العربي الكبير، وكان لهذه المرحلة مساهمتها في تعميق الحس القومي لديه، منسجماً مع نشأته في شمال الأردن، ومع توجهات الدولة الأردنية، التي تعد الوريث الشرعي المطبق لمبادئ الثورة العربية الكبرى.
شارك صادق الشرع في الحركات الطلابية، في مدارس اربد وفي مدرسة السلط، حيث كان الطلبة يقومون ببعض المظاهرات، التي تخرج مناصرة للقضايا العربية، ومن أجل مناهضة قوى الاستعمار، والهجرة اليهودية في فلسطين، والمناداة بالوحدة العربية كسبيل لتحرر العرب وصون مستقبلهم، وفي السلط كان لمدرسيه دور في تحريك هذه المظاهرات، من خلال بث الحماسة في نفوس الطلبة، وقد دفع هذا الشعور الوطني والقومي المتعاظم في نفس صادق الشرع، أن يبادر بالانضمام لصفوف   الجيش العربي , القوات المسلحة الأردنية، فور حصوله على شهادة الثانوية العامة، وقد فضل بذلك الانحياز للوطن بشموليته، مبعداً نفسه عن الانضمام إلى أي من الأحزاب السياسية، التي راجت في تلك المرحلة وما تلاها، وكان ذلك موقف معبر عن إدراكه لحجم المخاطر التي تحيق بالأمة العربي.
التحق الشرع بالقوات المسلحة عام 1942، برتبة مرشح، وعندما أنهى فترة التدريب العسكري، نقل إلى فلسطين، حيث عمل في معسكر قرب صرفند، على تأسيس مدرسة تدريب للجيش، وبقي يعمل فيها حتى حلول العام 1945، حيث نقلت مدرسة التدريب إلى عمان، وقد نقل بعدها إلى قيادة اللواء في منطقة خو، التي ضمت معسكرات للجيش، وميادين للتدريب العسكري، بعد ذلك أصبح موقعه في منطقة المفرق، وقد برز كعسكري محترف، يبشر بضابط كبير، حيث لفت الانتباه إليه، لما تميز به من معرفة وسعة، ورؤية واضحة وذكاء عسكري مميز، وعندما انسحبت بريطانيا من فلسطين من طرف واحد، تاركة الفلسطينيين يواجهون العصابات اليهودية، المسلحة بترسانة من الأسلحة الحديثة، ومدعومة بفيلق يهودي كان يقاتل إلى جانب الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، يتمتع بخبرة عسكرية دموية كبيرة، وبعدد فاق القوات العربية، فكان الشرع على رأس اللواء الذي دخل فلسطين ضمن قوات الإنقاذ العربية عام 1948، وكان له شرف خوض المعارك التي جرت في محيط القدس وداخلها.
التحق صادق الشرع بعد ذلك بدورة أركان حرب، في كلية كامبري ببريطانيا، حيث كان الجيش الأردني بحاجة ماسة لعدد من أركان الحرب، وتخرج في الكلية عام 1950، عاد بعدها إلى فرقته، موظفاً خبراته الجديدة في خدمة القوات المسلحة. أصبح قائداً للكتيبة الثامنة، المتمركزة في منطقة النبي يعقوب، وفي عام 1952 عين قائد أركان حرب للواء الثالث، وبقي قائداً لمنطقة القدس حتى حدود مدينة نابلس، بعدها أختير ليصبح قائداً عاما رغم عدم ترفيعه لرتبة زعيم، وفي عام 1955 عين قائداً للحرس الوطني، وقد اثبت جدارة كبيرة في التخطيط والقيادة، وشهد الشرع تعريب قيادة الجيش الأردني عام 1956، حيث تم بعد هذا الحدث الوطني، ترقيته لرتبة زعيم، وعين مديراً للعمليات الحربية في قيادة الجيش، وبقي ينهض بمسؤوليات هذا المنصب، حتى بدء إجراءات الإتحاد الهاشمي، الذي ضم الأردن والعراق، وقد عين الشرع مديراً لهيئة الأركان عام 1958.
لقد اثبت صادق الشرع مقدرة في الإدارة المدنية، لا تقل عن حرفيته العسكرية، فبعد نجاحه في دائرة الجوازات والأحوال المدنية، تم تعيينه محافظاً لمدينة اربد، حيث كان على تماس مباشر مع الناس وقضاياهم، وأسهم في تمتين الأواصر الاجتماعية، وحل كثير من المشاكل الأمنية والعشائرية، وفي عام 1974، دخل الشرع الحكومة حيث أسندت إليه حقيبة وزارة التموين، وقد عاد إلى المناصب الوزارية، عندما أصبح وزيراً للشؤون الخارجية بين عامي 1974 ? 1976، وصف الشرع خلال فترات خدماته المختلفة، بالنزاهة والعمل الصادق والتميز.
بعد تقاعده من العمل العام، دخل صادق الشرع بما يشبه العزلة، كان يتحرك في نطاق ضيق، حتى توفي في تموز عام 2009، وقد ترك لناكتابا مهما من تأليفه باسم « حروبنا مع إسرائيل 1947 ? 1973 معارك خاسرة وانتصارات ضائعة « واليوم نؤكد أن رجالاً من أمثال صادق الشرع هم خارج النسيان، ستبقى ذكراهم الطيبة عابقة في فضاء الوطن الغالي.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF