خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

زينب أبو غنيمة: رائدة التربية في الزمن الصعب

زينب أبو غنيمة: رائدة التربية في الزمن الصعب

No Image
طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ

هزاع البراري - شهد الأردن نهضة حقيقية  منذ تأسيس إمارة شرق الأردن عام 1921، حيث بديء  بتطوير مؤسسات الدولة الحديثة، في ظل إمكانيات مادية ضئيلة، وكانت مدن السلط والكرك واربد، تتمتع ببنية تحتية وبشرية بالتالي بفرص مدنية أفضل من غيرها، حيث كانت عمان بلدة كبيرة، ولم تتكرس كمدينة ناشطة، إلا بعيد قيام الأمير عبد الله بن الحسين باختيارها عاصمة للإمارة، وتعد مدينة اربد المنفتحة على مدن وبلدات سهل حوران، حتى دمشق وجنوب لبنان ووسط وشمال فلسطين، من المدن الرائدة في التعليم منذ أواخر العهد العثماني، على مستوى شرق الأردن.
 وتعد التربوية الأولى في الأردن المعلمة زينب علي أبو غنيمة، امرأة المرحلة عن جدارة، فلقد كانت أول أردنية تحصل على شهادة دار المعلمات بدمشق عام 1924، وأول معلمة مؤهلة تفتح الطريق أمام الفتيات للتعلم والتعليم، حيث لم يكن تعليم البنات دارجاً، ولم تتوفر مدارس للبنات إلا في حالات نادرة، لكن زينب أبو غنيمة استطاعت أن تحقق فتحاً مميزاً في هذا المجال.
ولدت زينب علي أبو غنيمة  في مدينة اربد عام 1907م، ونشأت في بيت عريق، عرف بتقديره واهتمامه بالعلم، فكان الأب علي أبو غنيمة معلماً، وأول من قام بتأسيس مدرسة خاصة في اربد، أواخر الحقبة العثمانية، لذا تفتحت مداركها في بيت كان للتعليم فيه مكانة خاصة، حيث حرص الأب على أن ينال الأبناء فرص جيدة في التحصيل العلمي، وقد نالوا شهادات جامعية في تخصصات نادرة حينها، يكفي أن نشير إلى شقيقها الطبيب والسياسي محمد أبو غنيمة، وقد تأثرت زينب وشقيقتها آمنة بهذه الأجواء، ونظراً لعدم توفر مدارس للإناث، فقد تلقت زينب تعليماً منزلياً، حيث قام أخوتها بتعليمها داخل البيت، وكان تعليماً منهجياً متكاملاً، مما مكنها بعد ذلك من دخول المدرسة في المرحلة الثانوية، وقد تطلب الإقدام على هذه الخطوة، السفر والإقامة في دمشق، ففي عام 1919 وصلت زينب دمشق والتحقت بمدرسة البيمارستان للبنات، وتمكنت من الحصول على الثانوية عام 1920، حيث أسهم تعليمها المنزلي عالي المستوى، في أن تمضي في المرحلة الثانوية عاماً واحداً.
ولم تضيع الفرصة النادرة من يدها، فالتحقت على الفور بدار المعلمات في دمشق، لتكون أول أردنية تنتسب لها، وكانت مدة الدراسة ثلاث سنوات، قضت منها زينب سنتين، تميزت خلالها بالتفوق اللافت،  حيث عادت بعدها إلى عمّان، وكان ذلك عام 1922، لتقيم مع شقيقها الأكبر حسن أبو غنيمة، وفي هذا العام أصبحت أول معلمة أردنية مؤهلة أكاديمياً تمارس مهنة التعليم الثانوي، حيث تم تعيينها معلمة أولى في مدرسة إناث عمان.
  كانت هذه المدرسة أول مدرسة ثانوية حكومية للبنات في عهد الإمارة، وقد أسست في عام 1922م، ولم تقصر المعلمة زينب نشاطها داخل  سور المدرسة، فقد عملت على التوعية بأهمية تعليم البنات، وشجعت كثير من الأهالي على إلحاق بناتهم بالمدرسة، حيث تمتعت باحترام وثقة كل من عرفها أو تعامل معها، وقد شهدت خلال هذا العام على التحولات الكبيرة، التي شهدتها العاصمة الفتية عمان، ولا شك أن هذه المرحلة تركت أثرها العميق في نفسها، وكان لها دورها في تشكيل شخصيتها ونظرتها للحياة.
بعد أن نقل شقيقها حسن إلى اربد، ليعمل مديراً لمدرسة تجهيز اربد، اضطرت زينب إلى الانتقال معلمة في مدرسة إناث اربد عام 1923، لكنها لم تطل العمل في هذه المدرسة، حيث قررت العودة إلى دمشق، من أجل إكمال السنة الثالثة في دار المعلمات، وقد تمكنت من تحقيق هذه الغاية، وتخرجت في دار المعلمات عام 1924، وعادت من جديد إلى مسقط رأسها اربد، وكانت بذلك أول أردنية تنال شهادة دار المعلمات، وقد عينت معلمة في مدرسة الإناث، واستمرت في هذه الوظيفة حتى العام 1926، حيث تم تعيينها في هذا العام مديرة لمدرسة الإناث، وقد استغلت هذه المكانة لتنفتح على المجتمع المحلي، فعملت على زيارة الأهالي وحظهم على تعليم بناتهم، مؤمنة أن دور المرأة المتعلمة في تطور وتنمية الوطن أساسي، وقد نجحت في زيادة عدد الفتيات الملتحقات بالمدرسة، وقد عرفت بخبرتها في الحياة، وقدرتها في حل المشاكل والتحكيم بين الناس، نظراً لما حصلته من علم وثقافة، فكان يلجأ إلها الناس في كثير من قضاياهم التي تحتاج إلى مشورة صادقة.
قدمت زينب أبو غنيمة استقالتها عام 1938، بعد زواجها من المرحوم سعيد الناصر، وتفرغت للبيت وأعبائه، وبعد أن نهضت بواجبها كربة بيت حقيقية، عادت إلى التدريس من جديد، وكان ذلك عام 1955، وقد رحبت وزارة التربية والتعليم بعودتها، فعينتها مديرة لمدرسة إناث اربد من جديد، وقد استمرت مديرة لهذه المدرسة مدة سنتين، حيث نقلت بعدها إلى عمان بناءً على طلبها، فعينت مديرة لمدرسة الأميرة عالية في عمان، واضطلعت بمهامها مديرة لهذه المدرسة بنجاح كبير مدة ثلاث سنوات، ففي عام 1960م أحيلت إلى التقاعد، بعد رحلة تربوية رائدة ومدهشة، جعلت منها اسماً لامعاً، فلقد فتحت الباب واسعاً أمام المرأة الأردنية في مجالي التعليم والعمل، حيث تركت بصمتها الخاصة في هذا المجال.
لم تنقطع زينب أبو غنيمة عن العمل بعد ذلك، فلقد احتفظت بنشاطها الاجتماعي والخيري، ونظراً لمكانتها، وتقدير الناس لدورها، بقيت مؤثرة في المجتمع المحيط بشكل ايجابي، وعلى الصعيد الرسمي  كانت على الدوام محط التقدير والتكريم، وقد منحها المغفور له الملك الحسين بن طلال وسام التربية عام 1973، في حفل خاص لتكريم رواد التربية والتعليم في الأردن، وقد حذت شقيقتها آمنة حذوها، وكانت من المعلمات الرائدات في الأردن، وكانت نموذجاً لكثير من الفتيات والنساء، فنحن مدينون اليوم بما وصلنا إليه من نهضة شاملة، إلى جيل ذهبي من الرواد المؤسسين، فحاضرنا نتاج لماضينا ومستقبلنا نصنعه نحن في وقتنا الحاضر.
في عام 1996م، توفيت التربوية الأولى السيدة زينب علي أبو غنيمة، بعد أن كرست عمرها الطويل لخدمة وطنها، وعملت في صمت من أجل بناء أجيال من النساء المتعلمات، اللواتي قدمن للوطن رجالاً ونساءً كانوا ولا زالوا من البناة المحترفين، وإن غيب الموت زينب أبو غنيمة، تبقى حاضرة في الذاكرة مثل الصدقة الجارية، رحمها الله وتغمدها بواسع رحمته.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF