رياض القطامين - أمضى الشيخ عودة الله العودات أكثر من 55 عاما من عمره وقد تجاوز الـ 80 عاما, فكاكا للنشب بين المتخاصمين في جنوب المملكة.
يأتيه أطراف النزاع تحاشيا لوصول قضيتهم إلى المحاكم,فيستقبلهم بترحابه المعهود مهونا من مصيبتهم ,ومفتتحا حديثه بالطيب من الكلام ومستشهدا بالقرآن الكريم والحديث النبوي في الحث على الصلح كسيد الاحكام. ويقول العودات «على فكاك النشب أن يدفع من جيبه إذا استدعى الأمر حلا للخلاف وعليه أن يكون متفرغا ولديه متسع من الوقت وعليه ان يتحلى بالصبر وان يكون مستمعا جيدا فهذه اهم العناصر التي يتحرك ضمنها بحثا عن حل للقضية المطروحة أمامه»
وفك النشب بين الناس عبر «وجوه الخير» يفضله اغلب الأطراف المتنازعة ففيه لجم للشر وتطييب للخواطر فالمحاكم «تطول حبالها « كما يقول الشيخ العودات وتستغرق وقتا طويلا وفقا لإجراءاتها المعروفة , الأمر الذي لايروق لكثير من أطراف النزاع في ظل زحمة الأحداث ومتطلبات الحياة المعاصرة .
وآلية فك النشب بين أطراف متخاصمة تعتمد بالدرجة الأولى على قوانين أنتجها المجتمع ولا يزال يلجأ إليها سواء أكان المجتمع البدوي في السابق أم المجتمع الحضري الراهن .
و يؤكد الشيخ العودات انه على الرغم من تغير الظروف الاجتماعية والتحولات الاقتصادية والسياسية التي شهدها القرن الماضي، إلا إن القيم والأخلاقية العربية لها قواعد ثابتة لحفظ حقوق الأفراد .
ومع تطور التشريعات المدنية والقوانين التي تحكم بين الناس ورغم ازدياد عدد المحاكم الصلحية إلا أن فكاك النشب المستند إلى القضاء العشائري يظل بابا يطرقه كل من يريد الحصول على حقه وفقا لنظامه الاجتماعي الذي توارثه الخلف عن السلف.
ويقول الشيخ العودات ان فكاك النشب لديه سنوات طويلة من الخبرة تؤهله لحل قضية قد تكون شائكة في نظر المحاكم والقضاء وقد تستغرق سنوات طويلة فيما تستغرق أياما أو أشهرا لدى القضاء العشائري الذي يسعى فيه فكاك النشب للوصول إلى حل .
وقد كان للقبائل والعشائر الدور الأكبر في ترسيخ القيم والثوابت التي تحد من تعدي الأفراد على حقوق بعضهم وذلك ما أنتج مجموعة أعراف متداولة احتوت خلاصة تجارب مر بها تطور المجتمع البدوي وثبتت مع الزمن وأصبحت دستورا تم اعتماده لحل المشكلات.
وعلى الرغم من وجود قضاء مدني الا ان اطرافا عديدة تلجأ إلى فكاك النشب لحل نزاعات ومنها ما هو شائك كالثأر وجرائم الشرف أو ما تعارف عليه عشائريا بقضايا «العرض» .
ويخضع عادة فكاك النشب وفقا لتأكيدات الشيخ العودات إلى الأعراف العشائرية السائدة كقاسم مشترك تحتكم إليها الأطراف المتنازعة ويتدرج فكاك النشب كل ضمن اختصاصه لفك النشب بين الناس فمنهم من يقضي ويحكم في قضايا القتل أو الشرف أو الاعتداء على الأملاك الخاصة والقدح والذم وغيرها من قضايا مختلفة وحسب القانون العشائري , ويبدأ فكاك النشب بحل المشكلة تدريجيا بحيث يتم بداية الأمر لجوء احد الأطراف المتضررة لأحد فكاكي النشب للتدخل بحل القضية والذي تشترط موافقتهم على تبني القضية.
وعلى فكاك النشب كما يؤكد الشيخ العودات أن يكون محترفا بفن الإصلاح بين الناس سريع البديهة حاضر الجواب متمكنا من معرفة أسباب القضية و تداعياتها كما عليه إن يكون متعمقا في فهم وإدراك الأعراف العشائرية .
ويؤكد أن دور فكاك النشب حتمي حين تقع الخلافات والمشاكل بين الناس ومن الصعب عليه أن يصد من قصده فان الخصام يحدث في المجتمع بشكل مستمر بين الرجل وزوجته وبين القريب وقريبه وبين الجار وجاره وبين الشريك وشريكه وبين العشائر بعضها مع بعض ؛ وهذا أمر طبيعي.