عندما قرر المخرج بريت راتنر إنتاج فيلم المغامرة الجديد من بطولة إدي ميرفي بعنوان «سرقة البرج» (Tower Heist)، أراد أن يستوحي من أفلام الكوميديا والحركة التي كان يحبها في صغره.
لا شكّ – بحسب صحيفة الجريدة الكويتية - في أن إدي ميرفي بطل أفلام الكوميديا والحركة. قال المخرج بريت راتنر: «يمكن القول إن إدي هو من اخترع هذا النوع من الأعمال»، في إشارةٍ منه إلى سلسلة أفلام «48 ساعة» (48 HRS) و»شرطي بيفرلي هيلز» (Beverly Hills Cop)، وكانت هذه الأعمال هي التي توّجت مسيرة ميرفي بعد سنوات من ظهوره في برنامج «ساترداي نايت لايف» (Saturday Night Live) وعمله ككوميدي ارتجالي فردي.
أضاف راتنر: «ما كان فيلم «ساعة الذروة» (Rush Hour) الذي شكّل جزءاً من نجاحي ليظهر لولا إدي. لقد نشأتُ وأنا أدرس هذا النوع من الأفلام وكان إدي أبرع من الجميع في أداء الأدوار فيها».
مرّ بعض المواسم القاحلة على إدي ميرفي الذي يبلغ من العمر 50 عاماً الآن. عدا عن سلسلة أفلام «شريك» (Shrek)، حيث وضع ميرفي صوته على شخصية «دونكي»، لم يظهر هذا النجم في أي عمل يمكن اعتباره ناجحاً منذ فيلم «نوربت» (Norbit) في عام 2007، فقد لاقى «قابِلْ دايف» (Meet Dave) (عام 2008) فشلاً ذريعاً، وحصل الأمر نفسه مع «تخيل ذلك» (Imagine That) (عام 2009)، علماً أنّ أداء ميرفي في هذين العملين لم يَنَل التقدير الذي يستحقه. لذا لا شك في أن ميرفي وراتنر، 42 عاماً، يأملان في العودة إلى الساحة بقوة من خلال «سرقة البرج» – حيث يقوم موظفون مستاؤون في مجمّع سكني راقٍ في مانهاتن بسرقة رجل مخادع تكون شخصيته مستوحاة من المستثمر الشهير بيرني مادوف.
تشير إيرادات شباك التذاكر الخاصة بآخر عمل قدّمه راتنر، «ساعة الذروة 3» (Rush Hour 3)، إلى أنّ هذه السلسلة استُنزفت إلى أقصى حد، ولا شك في أن ميرفي يحتاج إلى عمل ناجح في هذه الفترة.
لتحقيق تلك الغاية، حدد الرجلان خطتهما المرتقبة: عندما تُسلّم أكاديمية الفنون والعلوم السينمائية جوائز الأوسكار في السنة المقبلة، سيتولى راتنر إخراج الحفلة وسيقدمها ميرفي.
في هذا السياق، قال ميرفي: «أنا أتطلع إلى فعل ذلك وأتعهد بأنني سأبقى هناك طوال الليل». إنها مزحة مقصودة حتماً لأن ميرفي غادر الحفلة في عام 2007 لأنه لم يحصد جائزة الأوسكار عن أفضل دور مساعد في فيلم «فتيات الحلم» (Dreamgirls)، وهي خطوة لم تحرمه فحسب من لقب «صاحب أفضل أخلاق رياضية» لتلك السنة، بل أدى سلوكه أيضاً إلى ترسيخ صورته كنجم متغطرس وسيئ الطباع.
لكن كانت فكرة ميرفي هي التي مهدت لكتابة سيناريو فيلم «سرقة البرج» الذي أصبح فجأةً عملاً مثيراً للاهتمام كونه يعكس الأحداث الراهنة.
بعد طرده بسبب عمل ينمّ عن أقصى درجات التمرد، يجمع مدير المجمّع السكني جوش كوفاكس (بن ستيلر) فريقاً غير متجانس من أشخاص يوشكون على امتهان السرقة – بمن فيهم سلايد الماكر (إدي ميرفي)- لسرقة شقة آرثر شو (آلن ألدا)، وهو مصرفي فاسد كان قد اختلس أموال التقاعد الخاصة بجميع العاملين في المبنى. المواقف التي تحصل سخيفة جداً والأحداث غير متوقعة، لكنّ فكرة أن يتمكن أحد من الاستيلاء على ما سرقه شو ليست ضرباً من الخيال بأي شكل.
خلال مؤتمر صحافي عُقد في فندق «ماندارين أورينتال»( يقع مقابل جادة «كولومبوس» بالقرب من موقع تصوير الفيلم الأصلي، أي برج ترامب)، رفض ميرفي الكلام عن أنه تعمّد اقتباس أحداث الواقع، فقال: «لم يكن ذلك الأمر فكرتي في الأساس. كانت القصة تتناول مجموعة من موظفين غاضبين يحاولون سرقة المبنى الذي يعملون فيه، ثم برزت تلك التفاصيل الأخرى لاحقاً».
قال راتنر إن فريق العمل لم يهدف إلى نقل مشهد «حركة احتلال وول ستريت» أو قضية مادوف: «أردنا أن نقدّم قصة عادية جداً، ولم نعرف أنها ستحاكي الثقافة السائدة بهذا الشكل. من الرائع أن نصنع فيلماً يحمل رسالة معينة. لكن في نهاية المطاف، يسرني أنني صنعتُ فيلماً ممتعاً يضم شخصيات لافتة ومؤثرة».
تشمل تلك الشخصيات الموظفين الآخرين مثل كول (كايسي أفليك)، وأوديسا (غابوري سيديبي، من أعمالها فيلم «قيّم» Precious)، والبوّاب ليستر الذي يؤدي دوره الممثل المشهور بأعماله في برودواي ستيفن ماكنلي هندرسون، ولا ننسى عميلة مكتب التحقيقات الفيدرالي كلير دانهام (تيا ليوني) والسمسار المفلس تشايس فيتسهاغ (ماثيو برودريك).
تحدث ميرفي عن نفسه وعن برودريك قائلاً: «قَدِمنا إلى المدينة في الوقت نفسه وكنا في العمر نفسه، فكنتُ أمزح بأننا سنتمكن في أحد الأيام من الظهور معاً على الشاشة».
لكن لم يحصل ذلك في مرحلة قصيرة. قال راتنر: «أردنا أن نقدم شيئاً مترسخاً في الواقع». لذا أعاد راتنر إنشاء ستة مبانٍ لاستعمالها خلال الاحتفال بعيد الشكر (إلى جانب تصوير الحفلة الحقيقية)، وبنى نسخة عن برج ترامب مؤلفة من أربعة طوابق حيث يظهر الممثلون وسيارة لها دور محوري في عقدة القصة، ذلك من دون تعريض المواقع الحقيقية مثل جادة كولومبوس أو الناس في سنترال بارك للخطر. أضاف: «ثمة نوعان من أفلام السرقة: الأعمال الدرامية مثل «السرقة» (The Heist) وأمثاله، وأفلام المغامرة التي كانت تعني في الماضي نوعاً أشمل من الأفلام السطحية. لكني أردتُ تقديم عمل واقعي وصادق».
قال ميرفي إن المخرج والتر هيل، في فترة صناعة فيلم «48 ساعة»، قدّم له نصيحة صغيرة، فقال: «هذا العمل ليس كوميدياً»، وقد اعتبر راتنر أن فيلمه يتخذ الطابع نفسه، وختم قائلاً: «الكوميديا تنبثق من الشخصيات ومن المواقف التي تمرّ بها. نحن لم نستعن بمجموعة من الكوميديين للمشاركة في هذا الفيلم، بل اخترنا أفضل الممثلين لتجسيد هذه الشخصيات».
يذكر ان أدوار إدي ميرفي تتراوح بين الشخصيات الكوميدية الهزلية – مثل «دونكي» في فيلم «شريك» (Shrek) أو دور شيرمان كلامب – والشخصيات الأكثر تميزاً وتعقيداً:
- «فتيات الحلم» (Dreamgirls): أكسبه ترشيحاً لجائزة الأوسكار بعدما أدى شخصية جيمس ثاندر إيرلي، إذ ثبت ما كان يعرفه المراقبون منذ فترة طويلة: يستطيع ميرفي تقديم أفضل أداء له أمام جميع الممثلين (الكوميديون العظماء يكونون ممثلين عظماء). لكن يختلف الأمر بالكامل حين يؤدي ميرفي دور البطل في فيلم حركة، فهو قد يكون جيداً أو سيئاً أو مُضلَلاً في هذا النوع من الأعمال.
- «48 ساعة» (48iHRS): قدّم ميرفي أحد أفضل أعماله على الإطلاق بدور المحتال والمجرم المخادع ريجي هاموند، لكنه كان مجرماً بطريقة محببة. تعاون ميرفي مع نيك نولتي (بدور جاك كايتس الخبير في مجاله) لحل جريمة قتل، فكان يلقي دعابات كثيرة ورسّخ تلك العلاقة الطريفة بين الشخصيات المتناقضة التي تضطر للتعاون في ما بينها، واستمرت هذه النزعة في جميع أجزاء «الأسلحة الفتاكة» (Lethal Weapons) وحتى في «48 ساعة أخرى» (Another 48 HRS.).
- «شرطي بيفرلي هيلز» (BEVERLY HILLS COP) (عام 1984): سرعان ما تحول هذا العمل إلى سلسلة أفلام ناجحة، ويؤدي ميرفي فيه دور التحري أكسل فولي من ديترويت، فيتجه نحو بيفرلي هيلز لحل جريمة قتل صديقه المقرّب، وهناك يقابل ضباطاً صارمين (جادج راينهولد وجون آشتون وروني كوكس)، لكنه لا يقنعهم بطريقته في تطبيق القانون فيطارد بنفسه مجرماً يجسد شخصيته ستيفن بيركوف.
- «مصاص دماء في بروكلين» (VAMPIRE IN BROOKLYN) عام (1995): عمل منسيّ عموماً. تعاون ميرفي في هذا الفيلم مع مايسترو الرعب ويس كرافن في قصة تدور حول مصاص دماء كاريبي يجول في بروكلين بحثاً عن أنجيلا باسيت. كتب ميرفي سيناريو الفيلم مع أخيه تشارلز وأخيه غير الشقيق فيرنون لينش وأدّى فيه أدواراً متعددة، من بينها واعظ ورجل عصابات إيطالي.
- «شوتايم» (SHOWTIME) (عام 2002): أدى ميرفي في هذا الفيلم دور رجل يسعى إلى العمل كممثل، لكنه يتحول إلى رجل شرطة. بعد سلسلة من الأحداث غير المتوقعة، يضطر إلى التعاون مع زميل له (روبرت دنيرو) في برنامج تلفزيون الواقع. في هذا الدور، وصفه البعض بكلمة «أحمق».
- «أنا جاسوس» (I SPY) (عام 2002): تبادل ميرفي وأوين ويلسون الأدوار التي كان قد أداها روبرت كالب وبيل كوزبي في برنامج قديم عرضته قناة «إن بي سي تي في» (NBC TV). قام ميرفي بدور كيلي روبنسون بينما أدّى ويلسون دور المدرّب ألكسندر سكوت. لكن لم يكن لذلك أي أهمية، فقد كان الفيلم مجرّد مضيعة للوقت بالنسبة إلى الممثلين.