أبواب - السكري، السرطان، الأزمات القلبية، مشاكل ضغط الدم... ربما لن تصيب هذه الأمراض من يبالغ بطريقة «مرضية» في الاهتمام بجودة طعامه ونوعه وطبيعته، لكن هذه العناية تشير حتما إلى الإصابة بداء خطير أيضا وهو «الهوس بالطعام الصحي» أو ما يسمى بالأورثوريكسيا aixerohtrO.
الرغبة في تناول طعام صحي ليست مرضا، لكنها قد تصبح كذلك. بخلاف الأنوركسيا والبوليميا (نوعان من اضطرابات الطعام يتأثران بكمية الطعام التي نتناولها)، يتعلق الهوس بتناول طعام صحي بنوعية الطعام لا بكميته. يصيب الهوس بشكل شبه حصري النساء ويدفعهن إلى أن يفرضن على أنفسهن دائما اتباع نظام غذائي صحي إلى درجة كبيرة، ليس لأنهن يردن النحافة بل لأنهن يعتقدن أنهن بذلك يحافظن على صحة أجسادهن.
قوانين تغذية خاصة
رغبة منهن في علاج مرض معين أو لتعمقهن إلى درجة كبيرة في البحث عن طعام صحي، تبتكر النساء المصابات بهوس الطعام الصحي قوانين تغذية خاصة بهن. فيمضين مزيدا من الوقت بالتقيد بالتزامات فرضنها على أنفسهن ويضعن قبل بضعة أيام لائحة بأنواع الطعام التي سيتناولنها خلال كل وجبة. وإذا أردن الخروج من المنزل، قد يأخذن معهن طعامهن لأنهن لا يستطعن تناول أطعمة جاهزة خوفا من الدهون والمواد الكيماوية والأطعمة المعدلة جينيا.
بالنسبة إلى المهووسات بالطعام الصحي، يعتبر احترام هذا النظام الغذائي أمرا مصيريا، وهن يتمادين في تنفيذه إلى درجة أنهن يبدأن بالقاء المواعظ على الآخرين، ويشعرن بأنهن أفضل من الأخريات اللواتي لا يبدين مثلهن إرادة حديدية وعزما على اتباع نظام غذائي صحي.
في المقابل، إذا شعرت إحدى النساء المهووسات بالطعام الصحي برغبة شديدة في تناول أحد الأطعمة «الممنوعة»، ينتابها شعور بالذنب وبأنها لوثت جسدها. عندئذ تلجأ إلى معاقبة نفسها من خلال التقيد بقواعد غذائية أكثر صرامة، أو والأسوأ من ذلك الامتناع عن تناول الطعام أحيانا. وهذه الحالة تشبه إلى حد كبير حالة المصابات بالأنوريكسيا أو البوليميا، باستثناء أن هؤلاء يركزن على كمية الطعام لا على جودته ومدى صحته.
كيف تصلين إلى التوازن؟
بين اتباع نظام غذائي صحي والغرق في هوس الطعام الصحي، كيف تصلين إلى التوازن؟ كما هي الحال بالنسبة إلى الحميات الغذائية المختلفة، لا بد من اللاعتدال. ينبغي القيام بالتغيرات تدريجا بطريقة تراعي ذوقك ونمط حياتك.
من البديهي أن أي امرأة تهتم برشاقتها وتتبنى نظاما غذائيا سليما من دون مبالغة لا تعاني من هذا الهوس. لكن الوضع يصبح خطيرا عندما تسيطر الرغبة بتناول أطباق صحية على حياتها اليومية. لذا لا بد من الاعتدال لمحاربة القلق الذي يعيق يوما تلو آخر حياتك الاجتماعية والعاطفية، لأن صرامة النظام تحرمك من السعادة والمتعة، وتتحول حياتك إلى قيود، عقاب، ضيق، هوس وحتى عزلة.
تصنيف الأطعمة
يصنف المهووسين والمهووسات بالغذاء الصحي الأطعمة ضمن فئتين: أطعمة مفيدة للصحة وأطعمة تؤثر سلبا على الصحة... لكن هذا ليس كل شيء إذ ينبغي أن يكون الطعام عالي الجودة. لا يمكن أبدا تناول طعام غير طازج مثلا أو مصدره غير معروف.
بعض الضحايا ينتابه خوف دائم من أن يصاب بالتسمم بسبب المواد الملونة أو الحافظة؛ وآخرون يدققون مطولا في لائحة المكونات الخاصة بالمنتج الذي يودون شراءه، و/ أو يرفضون شراء كل ما هو مصنع، أطعمة أو أطباق جاهزة، منتجات معلبة...
بالنسبة إلى المصابات بهوس الطعام الصحي، ما من طعام معين ممنوع بحد ذاته، لكنهن لا يتناولن اللحوم الحمراء مثلا لأنهن لا يستطعن أبدا أن يتأكدن بشكل قاطع من مصدرها، وهذا ينطبق أيضا على اللحوم المعالجة والشوكولا والأطعمة الغنية بمواد دهنية. بهذه الطريقة يصبح من غير الممكن تناول أطعمة لا يطهينها بأنفسهن، ويؤدي ذلك إلى رفض أي دعوة لتناول العشاء في مطعم ما، أو أي دعوة إلى تناول الطعام في منزل إحدى الصديقات.
حرمان
تحتسب النساء المصابات بهوس تناول الطعام الصحي أي شيء يأكلنه، يفكرن به ويحاسبن أنفسهن باستمرار. ويكون العقاب الذي يفرضنه على أنفسهن صارما جدا ومبالغا فيه غالبا، حتى إنهن قد يحرمن أنفسهن من أي متعة. كل خطأ يرتكبنه يؤدي إلى شعور بالذنب وعقوبات.
يشار إلى أن العقوبات تزداد قسوة كلما زادت حاجة المرأة إلى أن تنقي نفسها. عندما يستقر هوس الطعام الصحي في شخص ما، يمنحه شعورا كبيرا بالثقة بالنفس وبأنه قادر على التحكم بحياته وصحته.
بالنسبة إلى المصابة بهوس الطعام الصحي تصبح الصحة «مقدسة». لا يشغلها إلا محتوى طبقها لأن الفكرة التي تسيطر عليها مفادها أنها هي وحدها قادرة على التحكم بجسمها.
للخروج من حالة الهوس هذه عودي تدريجا إلى اعتماد نظام غذائي منطقي. إليك بعض النصائح: - استشيري اختصاصي تغذية يساعدك في تنظيم وجباتك بشكل جيد.
- عودي إلى تناول أنواع الطعام المختلفة.
- تخلي عن أفكارك السابقة، خصوصا تلك التي لا أساس لها من الصحة.
- استشيري اختصاصي نفسي يساعدك في معالجة أصل الهوس لأن الرغبة في الوصول إلى النقاوة تنبع من قلق بشأن عدم النقاوة، أو حتى من اعتقادنا أننا نستطيع عكس فكرة جيدة عن أنفسنا من خلال نظامنا الغذائي.
- تخلي عن وجهات النظر السلبية وافصليها عن مسألة التغذية. ومع العودة إلى اكتشاف متعة الطعام ستعاودين اكتشاف بهجة الحياة أيضا.
اختبار «براتمان» من شأن اتباع نظام غذائي صحي أن يترك تأثيرا إيجابيا على الصحة، لكنه لا ينبغي أن يترافق مع فقدان الشعور ببهجة الحياة أو بالسعادة. للتأكد من أنك ما زلت منطقية وعقلانية وأنك لا تنجرفين إلى الهوس عليك الخضوع إلى اختبار «براتمان» حول الطعام الصحي.
1 - تمضين أكثر من ثلاث ساعات يوميا في التفكير بنظامك الغذائي؟
2 - تنظمين وجباتك قبل أيام؟
3 - قيمة الوجبة الغذائية أكثر أهمية بالنسبة إليك من متعة تناول الطعام؟
4 - تراجع نمط حياتك، فيما تحسنت جودة نظامك الغذائي؟
5 - أصبحت أخيرا أكثر تطلبا حيال نفسك؟
6 - زاد حبك لنفسك مع رغبتك في اعتماد نظام غذائي صحي؟
7 - تخليت عن أطعمة تحبينها لصالح تناول أطعمة «صحية»؟
8 - يعيق نظامك الغذائي خروجك مع الأصدقاء ويبعدك عن أسرتك والمحيطين بك؟
9 - تشعرين بالذنب إذا تناولت طعاما «غير صحي»؟
10 - تشعرين بالسلام مع نفسك، وتعتقدين حقا أنك تتحكمين بحياتك وبصحتك عندما تتناولين طعاما صحيا؟
4 إلى 5 نعم: لا بد من أن تكوني أكثر تساهلا في نظامك الغذائي.
نعم على الأسئلة كافة: أنت مهووسة تماما بالطعام الصحي.