سن اليأس او الامل مرحلة طبيعية تمر بها كل امرأة مع توقف العادة الشهرية وتدخل حياتها عادة بعد انقطاع الحيض لمدة 12 شهرا على التوالي. وتبدأ هذه المرحلة لدى معظم النساء بين سن ال45 وال55 عندما تتوقف البويضات عن إفراز الاستروجين، فاللواتي يستأصل مبيضهما على إثر عملية جراحية يختبرن أعراض هذه المرحلة بصورة مفاجئة أيا كان سنهن.
ومع انخفاض مستوى الأستروجين تصبح العادة الشهرية غير منتظمة وتتوقف تدريجيا فيرق جدار المهبل وتخف الإفرازات. قد تشعر المرأة في هذه المرحلة أيضا بنوبات حرارة وبالتعرق الشديد أثناء النوم، وتحدث هذه النوبات عادة في السنوات الثلاثة أو الأربعة الأولى بعد انقطاع الحيض غير أنها قد تستمر لدى البعض لفترة عشر سنوات أو أكثر.
ويؤدي انخفاض نسبة الأستروجين أيضا إلى خسارة كثافة العظام في الجسم فيتضاعف خطر الإصابة بترقق العظام (osteoporosis)، إذ تصبح العظام هشة وأكثر عرضة للكسر. ويلاحظ أن خسارة كثافة العظام تحصل لدى 20% من النساء حول العالم في السنوات التي تلي انقطاع الحيض مباشرة. ولكن هذه المرحلة تمر أحيانا مرور الكرام لدى بعض النساء مع أن أعراضها تكون أكثر من مزعجة بالنسبة إلى عدد كبير منهن. فنوبات الحرارة قد تعيق العمل والنشاطات اليومية الأخرى، وقد يوقف التعرق أثناء الليل ليلة نوم هادئة، كذلك يعرقل جفاف المهبل والحكاك والحريق الحياة العاطفية بالإضافة إلى مشكلة تعرض العظام للكسر التي تشكل خطرا كبيرا.
و لا شك في أن مواجهة مثل هذه المخاطر تخيف النساء من شبح التقدم في السن إنما لا يفترض أن تعيق هذه الأعراض مجرى حياتك، فاكتساب بعض العادات الحسنة كممارسة التمارين الرياضية بانتظام والحفاظ على وزن صحي والابتعاد عن التدخين والإفراط في شرب القهوة، قد يخفف من هذه الأعراض كذلك قد يحول تناول الكالسيوم والفيتامين D وممارسة تمارين تقوية العظام والعضلات دون خسارة هذه الأخيرة.
وإذا فشلت هذه المساعي يستحسن اللجوء إلى تناول الهرمونات، إذ أكد معظم أطباء النساء أن هذا الخيار صائب للنساء اللواتي يرغبن في التخلص من أعراض سن اليأس، وبرأي إدارة الدواء والغذاء الأميركية تشكل الهرمونات الدواء الأنجع ضد نوبات الحرارة والتعرق أثناء الليل والجفاف المهبلي لا سيما تلك الموصوفة بشكل أقراص والمستعملة منذ أكثر من 65 عاما، ولكن في حال اقتصرت الأعراض على المهبلية منها يمكن الاكتفاء بوضع مرهم على المنطقة المصابة للتخلص من الجفاف والحكاك والحريق.
وتأتي أقراص الهرمونات بنوعين: الأستروجين وحده أو الأستروجين المدعم بالبروجستين. يستعمل العلاج الأول للنساء اللواتي استؤصل رحمهن، أما العلاج الثاني المدعم بالبروجستين فيوصف للنساء اللواتي ما زلن يحتفظن برحمهن كإجراء وقائي من سرطان الرحم. والخبر الجيد أن هذين النوعين يحميان العظام من الترقق لذلك يحبذ اتباع علاج غير هرموني للوقاية من ترقق العظام حتى في حال لم تعاني من أعراض سن اليأس.
لكن الهرمونات لا تناسب النساء كافة شأنها شأن الأدوية الأخرى، فهي لا تحمي من أمراض القلب أو الخرف بل تضاعف خطر الإصابة بنوبة قلبية أو دماغية أو تخثر الدم أو سرطان الثدي، وتكون هذه المخاطر متفاوتة بحسب التاريخ العائلي أو المرضي، السن وسنوات تناول هذا العلاج بعد انقطاع الحيض. فكل حالة تعتبر فريدة لذلك يفضل التحدث مع الطبيب عن أهدافك العلاجية والمخاوف التي تنتابك. وفي حال بدأت بالعلاج الهرموني ينبغي أن يتابعك طبيبك دوريا ويعمل على تخفيف الجرعات المتناولة قدر المستطاع ويصفها لك لأقصر وقت ممكن تماشيا مع أهداف العلاج والمخاطر المحتملة.
تأثيرات واعراض جانبية
تناولت الدراسات أخيرا العلاج بالأستروجين والعلاج بالأستروجين المدعم بالبروجستين كل على حدة، وركزت على النساء اللواتي مضى حوالى 12 عاما على تناولهن هذه الهرمونات، فتبين أنه لا ينبغي استعمالها للوقاية من أمراض القلب والخرف وأنه على الأطباء إعطاء المريضة أقل جرعة ممكنة لأقصر مدة ممكنة. كذلك تبين أن معدل الإصابة بسرطان الثدي حول العالم لدى اللواتي يتناولن الأستروجين هو 3 من أصل ألف أمرأة سنويا، و4 من أصل ألف لدى اللواتي يتناولن الأستروجين المدعم بالبروجستين. ولم تختلف النتائج بالنسبة إلى النوبات القلبية والسكتات الدماغية، إذ لوحظت حالة إضافية واحدة بين النساء الألف اللواتي يتناولن الهورمونات.
أما في ما يتعلق بظاهرة تخثر الدم فرصدت إصابتان إضافيتان بين النساء الألف اللواتي يتناولن الأستروجين المدعم بالبروجستين. غير أن تناول الهرمونات غير محبذ بالنسبة إلى النساء ذوات التاريخ العائلي للإصابة بهذا المرض. ولكن الدراسات تشير إلى انخفاض ملموس في نسبة الإصابة بترقق العظام وكسر الحوض بالإضافة إلى سرطان القولون والمستقيم.
بالتالي وانطلاقا مما تقدم يتبين أن أفضل حل بالنسبة إلى النساء اللواتي بدأن باختبار أعراض سن اليأس، استشارة طبيبهن بهذا الشأن نظرا إلى أن الدراسات حول المساوئ والمنافع في تطور مستمر، فالمنافع تتجاوز المساوئ بالنسبة إلى بعض النساء وحتى في ظل تضاعف خطر الإصابة ببعض الأمراض الخطيرة قد يختلف وضعك عن الأخريات وتكونين بمنأى عن الإصابة بها، ذلك كله وفقا لتاريخ عائلتك الطبي ووضعك الصحي الخاص.
علاجات بديلة
يحاول بعض النساء تناول المكملات الغذائية من الأعشاب كالكوهوش والصويا والبطاطا الحلوة للتخفيف من أعراض سن اليأس غير أن المنظمات الطبية لا تعترف بفاعلية أو حتى سلامة هذه الطرق. وكثر الحديث أخيرا عن العلاج بالهورمونات البديلة وهي مستحضرات تصنف أحيانا بالطبيعية وتحتوي على هورمونات مماثلة كيماويا لتلك التي يفرزها الجسد طبيعيا، وأكد البعض أن العلاجات بالبدائل الهرمونية تفوق العلاجات التقليدة فاعلية وسلامة غير أن هذه الادعاءات غير مؤكدة علميا.
ومع أن هذه المستحضرات هي من الهورمونات فهي ليست طبيعية ولا خالية من المخاطر. فالعلاجات البديلة تحتوي في الواقع على كيماويات مستخلصة من النبات ومن مصادر أخرى مصنعة في المختبرات ولكن سلامتها وفاعليتها لم تؤكدا بعد على المدى الطويل على غرار الهورمونات التقليدية ويخشى أن تكون نوعيتها غير مضمونة وأن تكون معرضة للتلوث. في النهاية تذكري أن ط بيبك وحده هو الكفيل بمساعدتك على غربلة المعلومات الراهنة بشأن الخيارات العلاجية المتوافرة بعد انقطاع الحيض وعلى اختيار العلاج الأنسب لك.