خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

رفيق اللحام..بيت يستودعك أسرار الفن والجمال

رفيق اللحام..بيت يستودعك أسرار الفن والجمال

No Image
طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ

الساعة الآن الحادية عشرة والثلث صباحاً،.. وها أنا ألج الباب الخشبي لبيت ودارة الرسام ''رفيق اللحام''، أدراج قليلة على أطرافها ترامت جرار فخارية امتلأت بالأزهار كادت أن تثني سرعتي في الهرولة تحاشياً لتأخري عشرين دقيقة عن الموعد.

ازمة طريق وطبيخ

استقبلتني السيدة ''مقبولة العساف'' رفيقة درب الفنان ''أم موفق'' بوجهها الطيب، وهنا اضطررت لاختلاق عذر،أظنه أسعفني حينها بأزمة الطريق والمدارس والطبيخ و ضريبة المسقفات...دقائق حتى يُقبل رفيقنا ذو العقد الثامن بخطاه الذي على ما يبدو أن الزمن أبطأها قليلاً لكن أنفة كبرياء الحياة قومتها بالعزيمة، وحينها تسأل السيدة أم موفق :'' رفيق بدك أجيب لك العصاية؟'' وهنا أتمم ببالي: '' ما في داعي حصل خير ياجماعة مابعيدها''!، ويأتي جواب أبو موفق: ''لأ بمشي بدونها''..
قصاصة صغيرة يخرجها رفيق اللحام، الذي ما أن بدأ بالحديث عن الموسيقار ''محمد عبد الوهاب'' وتمسكه بالمواعيد الدقيقة لافتا الى أن هذا الجيل الشاب قد لا يدرك قيمة العشرين دقيقة من عمر الزمن والتاريخ إلا وتابع كتابة ملاحظات بخط صغير، وهنا يخبرني أنه دوَن بعض الملاحظات لهذا اللقاء.
ويحدثني بحماس ومحبة عن '' الرأي'' وقهوة الصباح وهذا الموقد الخشبي الحنون -كما يصفه- والمسح الشامل لكل الصفحات منذ تأسيسها ويذكرني بان ألقي نظرة على أرشيف ضخم في ركن من مرسمه لأجزائها كاملة..

احلام صغيرة..تكبر

تبدأ رحلتنا العكسية مع هذا الفنان الباحث، الذي يذهل المتلقي من ثراء سيرته الذاتية ودراساته التي بدأها شاباً في عام 1961 في أكاديمية ''أنالك'' في روما ومعهد ''سان جاكومو'' وليذهب غرباً لمعهد ''روتشستر'' في الولايات المتحدة الأمريكية، وليتابع حلمه الصغير الذي انطلق من بين خيوط وقطب تلك الأثواب والمطرزات التي كانت تنسجها والدته الدمشقية... فبحركات أناملها الصبور ابتدأت حكاية حلم ذاك الفتى؛ الذي وجد نفسه بين نسيج الخيوط الملونة من كفي والدته وحرفية الخشب وتشكيلاته الكثيرة من ساعدي والده النجار..
ويعود ذاك الشاب الحالم متزوداً بالتقنية والتجربة اليافعة الى عمان؛ ليبدأ الحراك الفني ولتبدأ رحلة '' طريق النحل '' ، وهنا يمكن للمطلع أن يلمس تداخل الحركة الفنية العمانية حينها مع عودة هذا الفنان ونخبة من الرسامين الأردنيين المبتعثين آنذاك.
من الصعب، تمكن شخص ما، الإحاطة بمنجزات اللحام؛ من خبرات، و جوائز، ، وأوسمة ودروع، و شهادات عالمية وعربية، و معارض في معظم بلدان العالم ،ومن مشاركاته في تمثيل الأردن في المؤتمرات والورش الفنية، و تنفيذه للمئات من تصميم الطوابع البريدية والملصقات والشعارات، ويحتاج هذا الرسام الى كتاب كبير وهذا ما أنجزه الفنان محمد العامري في كتابه '' رفيق اللحام'' .

زخم الابداع

أخبرت قبل موعدي، الصديقة الأديبة ''زهرية الصعوب'' و التي كانت ''عرابة'' هذا اللقاء؛ أن مجرد التفكير بأن الفنان ، الذي كنت قد قرأت عن تجربته في كتاب'' التربية الوطنية '' في سنوات المدرسة، كرائد من رواد الفن التشكيلي الأردني والعربي ، يجمعني به شغف استطلاع التجربة وكشف مستور هذا الإبداع الزخم.
ومن قصاصته الصغيرة ،يطالع رفيق بطرف نظارته بعض الملاحظات التي دونها، ويبدأ من '' البتراء'' ،فهي بعيني شيخ الفنانين الأردنيين أعجوبة عالمية منذ أن وجدت على هذه الأرض، وبحبية الله لنا بوجودها في الأردن، يجب أن تشكل لنا رفداً فنيا إنسانيا واقتصاديا مستداماً... فمعشوقته البتراء كما يقول حالة فنية وسحر مكاني طوَع الصخر ليستحيل الصلد إلى ثنايا وتفاصيل أخاذة و رموز نحتاج سنين لفكها واستنباط عظمة الأنباط...
وهنا يجب أن أعترف؛ أنني كنت أحاول استراق النظر لما في الورق من ملاحظات، كي أبادر إلى سؤاله قبل أن يباغتني ، وخصوصاً أنني قدمت لهذا اللقاء دون ورقة أو قلم واكتفيت بمجهودي الذي تكبدته بالاندهاش والتفكر من تجربة هذا الفنان ''الحالة''، وبأن هذا الزمن الذي نعيش يمكننا أن نجعله أزمنة بالعمل الدؤوب ، وربما كان من الفضل ، توقع أن هذا الفنان الذي يمتاز بالدقة والانضباط العالي لن يفوت فرصة بنظم حروف الكلمات بخط دقيق منظم أشبه بالتطريز الفلاحي!.

قصة مع الخط العربي

تلتمع عينا شيخنا و هو يذكر بدايات تعلمه للخط العربي، الذي شكل فيصلا مهما ونكهة فنية رائدة حينها في تجربته الأولى، عندما طوع رسومه وألوانه لهذا الحرف العربي الجميل كما يقول ، وأن السمة الجمالية للحروف العربية، تجمع ذائقة الكثير من ناطقي الضاد.
يخبرني عن قصة طريفة حدثت معه خلال عمله في القصور الملكية العامرة ، في حياة المغفور له الملك الراحل الحسين بن طلال، كمصمم فنان في قسم هندسة القصور، إذ يذكر أنه خلال عمله في القصر كان جلالته شاباً يقود دراجته النارية و قد تحاشى رفيقنا أن يبادر بالسلام و هنا يقول : ''كنت عارف أن جلالته راح يرفع أيديه من على مقود الدراجة ويسلم '' فخوفي وقتها من أن حفاوة سلامه وتواضعه الآسر وهو ينطلق بسرعة دراجته وهو يمارس رياضته.

رفيق لا يتوقف

تبدأ مضيفتنا رفيقة دربه الطويل ، باخباري ببعض أسرار ''رفيق'' التي لا أظن أنني وعدتها بأنني لن أكتبها، لتخبرني أن السر في زخم تجربة رفيق أنه لا يتوقف!.
رفيق لا يتوقف عن الحياة الكاملة!.
المرض الذي داهم الفنان رفيق واجتازه قبل ثلاثة أشهر وعاد مظفرا بالحياة من سرطان آثم، أستوطن على حين كبوة حياة إحدى كليتيه، فرفيق علمني فن الحياة وتذوق وجوهها المختلفة '' ع الحلوة والمرة'' بالقوة والعمل، وكما هو شغوف بفنه فهو متيم بأولاده الأربعة، إذ يتابعهم وهم أباء وأمهات حتى هذه اللحظة ،ويتنافى في إسعادهم وإحاطتهم بالعناية، و هنا تدمع عينا الأب الفنان وهو يتحدث عن أبنته '' نسرين'' مستذكراً طفولتها حين كان يوصلها المدرسة بجبل عمان.
و عن ''الطبيخ'' تتورد وجنتا '' أم موفق'' وهي تسرد؛ أن ''رفيق'' لا يقبل بسفرة أو طبق عادي إلا إذا كان مزينا منظماً و يحب التشكيل بعدد الأطباق والألوان لكنه مقل في الطعام و هو من دعاة '' العين اللي بتآكل'' ، أما إذا دخل المطبخ فتوقعي أن ''قلاية البندورة'' من بين يديه شيئ آخر ! اركان البيت..القلب.
يقودنا مبدع الجيل عبر رحلة جوانية إلى أركان البيت، اركان قلب مسه الجمال، الذي أدق ما يمكن أن يوصف بمتحف فني ، يضم الكثير من أعمال فنانين أجانب وعرب ومحليين وحتى هواة أطفال.
وهاهو يعرج على أسم الفنان ويستعرض لوحاتهم بفخر ومحبة طافية ، ويخبرني بحسرة وألم أنه يؤمن أن هناك مواهب فنية وإبداعية عظيمة، تولد في أطراف الشمال أو الجنوب بعيدة عن الاهتمام والتنمية لقلة الحظ و عجز المنهاج المدرسي في كثير من الأحيان عن التوقف عن التعامل مع التربية الفنية كحصة فائضة و تناسي دورها الإنساني الفني الذي من شأنه رفع الذائقة الفنية للمجتمع بأسره.
أكثر من ثلاثة آلاف عمل ولوحة ،من مقتنيات وأعمال خاصة تنتشر في أركان هذا البيت ذي الطبقات الثلاث، ابتداء من مدخل البيت مرورا بغرفة الخادمة '' كسيرا'' الذي ازدانت بلوحات وجدار يات ،بعضها ما زال في انتظار جدل اريج المبدع ، وصعوداً باتجاه '' بيت الدرج'' الى باب السطح هناك مئات من المقتنيات المهمة.

الحديث عن مرسم'' اللحام''

حكاية بحد ذاتها، فقد تجد ضالتك المنشودة من أدوات فنية وحتى صحية فقد تجد ''كوع '' ماسورة، '' تباشيم'' ، أكوام من الجرائد، علب مختلفة الأحجام والألوان، ملاعق وفناجين ؛ فرفيق كما تشتكي لنا السيدة ''مقبولة'' يحتفظ بمعظم الأشياء ويجد أن فيها قيمة فنية جمالية وكثيرا ما يستخدمها في أعماله، وأن هذه الأكوام الهائلة تكبر شيئاً فشيئاً حتى ملئت طابق التسوية والمرسم بأكمله.

عقد الجمال والفن

أتراه في خياله الفني، مازال هناك من ا حلام لا تبارح عقده الثامن؟.
..نعم رفيق، مازال كفؤاً للحلم والإبداع إذ يدعو ربه بأن يحفظ أولاده وأن يكون قد أتم أمانة التربية، و قدم بألوانه وخطوطه جزءاً من جميل الوطن.
يمد الله بعمره ليتعلم ويعلم تقنية جديدة من لغة العالم الأقدم '' الرسم''... لنتوقف الآن فلدى رفيق الآن تنفيذ مطبوعة شعار جديد يصممه!

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF