د. حسام أبو فرسخ - الفحص المعمول به حاليا للمقبلين على الزواج وهو اجباري، يقتصر على فحص نسبة الهيموجلوبين في الدم وحجم خلايا الدم الحمراء ومن هذين الفحصين البسيطين ان كانا طبيعيين يفترض أن المريض خال من مرض الثلاسيميا. أما اذا كان فيهما خلل فيطلب منهما عمل فحص آخر وهو عمل تحاليل الدم المفصلة لأنواع الهيموجلوبين عن طريق الفصل الكهربائي. (hemoglobin electrophoresis) لكن هل هذا الفحص كاف لتجنب جميع نتائج الرباط الزوجي.؟ بالطبع لا. ففحوصات ماقبل الزواج تبدأ بهذا الفحص ولكنها في الحقيقة تمتد الى أكثر من ذلك بكثير.
تقسم فحوصات ماقبل الزواج الى ثلاثة أقسام رئيسية:
1) القسم الأول : فحوصات لتجنب الأمراض الوراثية.
2) فحوصات لمعرفة قدرة المقبلين على الزواج على انجاب أطفال.
3) فحوصات لمعرفة ان كان أي من الطرفين يحمل أمراضا قابلة للنقل من طرف الى أخر عن طريق الاتصال الجنسى أو المخالطة اللاصقة.
- القسم الأول : الفحوصات الوراثية التى يجب عملها الى جانب الثلاسيميا هي باقي فحوصات الدم
فثلاسيميا الدم هو مرض ينقل عن طريق الوراثة ويؤثر على عمر خلايا الدم الحمراء. ففى مرض الثلاسيما تحصل طفرة في مكونات الهيموغلوبين مما يسبب تكسرا في خلايا الدم الحمراء فيحاول الجسم أن يعوض هذا النقص عن طريق زيادة تكاثر خلايا الدم الحمراء وبالتالي تصبح كثير من عظام الجسم وأعضاؤه مصنعا للنخاع العظمى مما يؤدي الى انتفاخ جمجمة الرأس و كبر الطحال والكبد. ولكن كل هذا الانتاج الكبير من خلايا الدم الحمراء يفشل في تعويض الهلاك الذي تتعرض له. فيضطر الطبيب الى نقل الدم الى المريض بصفة مستمرة. ونقل الدم عادة مايكون مصحوبا بازدياد الحديد في جسم المصاب مما يسبب له ضررا بالغة على الكبد والقلب أو الفرصة للاصابة بالتهابات فيروسية للكبد. وغالبا ما ينتهي الأمر بالمصابين بهذا المرض الى الوفاة عادة في العقد الثالث من العمر الا اذا اجريت لهم عملية زرع نخاع جديدة. ولعل مرض الثلاسيما ليس هو المرض الوحيد الذي يصيب الدم ولكنه الأكثر انتشارا هنا في الأردن. ولكن هناك مرض لايقل عنه انتشارا خاصة في دول الخليج العربى وهو الأنيميا المنجلية، وهو كذلك ينتج عن طفرة جينية للهيموغلوبين مما يؤدي الى نفس أعراض مرض الثلاسيميا تقريبا. أما الأمراض الوراثية الأخرى فيكون الفحص عادة انتقائيا تبعا لظروف كل عائلة. فينصح للمقبلين على الزواج أن يفتشوا في أمراض العائلة فان وجدوا أن هناك مرضا وراثيا موجودا بالعائلة فينصح باستشارة أخصائي وراثة عن الطرق الوراثية لنقل هذا المرض وكيفية فحصه. ولعلني أسرد هنا قصة اثنين جاءا الى المختبر لفحص مرض عضلي وراثي يصيب كثيرا من أهل الزوج، فعندما أقبل الخطيب على خطيبته وجد ان أحد عائلة الخطيبة به مرض عضلى ولكنه لم يستطع التشخيص لطبيعة المرض العضلي فأوجس خيفة من أن تكون خطيبته حاملة لنفس المرض العضلي الموجود في عائلته. فعندما جاءا الى المختبر تم فحص الجينات للمرض العضلي ، فتبين لنا أنه لايحمل أي منهما المرض، فتم الزواج باطمئنان من الطرفين من أن ذريتهم لن تكون مصابة بمثل هذا المرض العضلي .
- القسم الثانى: الفحوصات اللازمة لمعرفة ان كان هناك قدرة على الانجاب من الطرفين
وينصح بهذه الحالة بشدة ان كان الطرفان يرغبان بالانجاب . وحتى لايصاب أي من الطرفين بكآبة تملأ عليه حياته ان وجد ان قرينه لايستطيع الانجاب او يستطيع ولكن عن طريق أطفال الأنابيب. و يجب أن تشمل هذه الفحوصات فحص الحيوانات المنوية عند الرجل لمعرفة عدد الحيوانات المنوية ونسبة الحيوانات المنوية السليمة ونسبة الحركة الفاعلة فيها. كما ينصح بعمل هرمونات الذكورة للاطمئنان على الوضع الصحي للانجاب. أما للأنثى فينصح بشدة عمل هرمون FSH في اليوم الثالث من الدورة الشهرية بالاضافة الى فحوصات الهرمونات الأخرى المنظمة للدورة. وان كانت الأنثى تعاني من زيادة الشعر فينصح لها أن تعمل مجموعة فحوصات الشعر الزائدة. وقد أعجبت يوما بأب لخطيبة أن طلب من خطيب ابنته أن يعمل فحص الحيوانات المنوية. وعندما أجرى الفحص تبين أن الخطيب ليس له قدرة على الانجاب بصورة طبيعية مما أدى ذلك الى عدم الارتباط بينهما لأنه ولو تم الأرتباط في هذه الحالة فانه كان سيؤدي الى الطلاق السريع ان اكتشف أحدهما أن الطرف الآخر لاينجب ولم يكن على علم بذلك.
- القسم الثالث: فحوصات الأمراض القابلة للانتشار عن طريق الاتصال الجنسي
فهي من حق كل طرف يريد الارتباط بالطرف الآخر أن يكون على علم مسبق و كامل بمجموع حالة هذه الأمراض عند قرينه قبل الآتصال به حتى لايشعر بالغبن أو أن حياته في خطر مستمر. ومن هذه الفحوصات هي عمل وظائف الكبد و التهاب الكبد الوبائي B and C و الالتهابات الجنسية بالاضافة الى أمراض الكلى المزمنة. فان كان أحدهما مصابا بالتهاب الكبد الفيروس B فينصح بشدة للطرف الآخر أن يأخذ مطعوم التهاب الكبد للفيروس B والمتوفر الان حاليا وبأسعار زهيدة في معظم الصيدليات وذلك اذا اراد الارتباط بالطرف المصاب. أما ان كان أحدهم يحمل التهاب الكبد C فيجب أن يعلم زوجه ذلك وان كانت فرصة انتقال هذا الفيروس عن طريق الاتصال الجنسي ضئيلة. . أما الالتهابات الجنسية الأخرى فاكثر هذه الأمراض خطورة هي مرض الزهري ومرض الهيربس الجنسي. فينصح ان كان احدهما يشك أن الطرف الأخر يحمل أحد هذين المرضين أن يطلب من قرينه الفحص لهما خاصة ان الانتشار بين الطرفين لهذين المرضين أسرع بكثير من أي أمراض أخرى. من كل هذا يتبين لنا أن فحوصات ماقبل الزواج تبدأ بفحص الدم لمرض الثلاسيميا ولكنها تمتد الى أكثر من ذلك بناء على رغبة المقبلين على الزواج لمعرفة الكثير عمن يودون الاقتران بهم.
البورد الأمريكي في تشخيص الأمراض والخلايا المرضية