بسام السلمان - الابواب ، عالم مجهول وما وراءها على الدوام اما مبهم او يخبيء سرا ما وفي الذاكرة لها نصيب كبير من ذكريات اناس مروا قربها او تحتها ، واللافت في الابواب ان لكل منها قصة وحكاية ورواية وهي على الدوام كانت وما تزال مثار بحث ودراسة وموضوعا اثيرا للشعراء والكتاب ، الم يجتذب باب الحارة جماهير الامة العريبة للتعرف حيال ما يدور خلفه . والابواب منها '' الخويخة '' وهي الباب الصغير الموجود داخل باب المنزل الكبير ومخصص لدخول البشر فقط وبانحناء للراس ، مرورا بابواب معنوية كابواب الجنة والنار وغيرها ، والابواب تشعرنا بانها كائن خرافي يفصل بحدة بين عالم الشارع العام والخاص المتمثل داخل البيت، كائن يرى و يحب أحيانا ويحقد أحيانا أخرى. ويقول استاذ اللغة العربية مازن الشرع ان للباب حصة كبيرة في المفردات الأدبية والأعمال الثقافية، مستذكرا مسرحية '' في انتظار غودو '' ليفتح لهما الباب ، وهناك باب الفتوح لمحمود دياب والباب الضيق لاندريه جيد والباب الذي جاء بمعنى الحياة في مسرحية يوسف الصائغ ''الباب''. ويروي الشرع انه في قصيدة ''سيدة ورجل '' للشاعر عيسى العبادي، يصبح الباب رمزا للخيانة، فهو يقول:''طرق الباب...في الداخل سيدة ورجل...من يطرق في هذا الليل؟..ثانية طرق الباب...خرج الرجل لحظات عاد مرتبكا..من؟...لا احد...الطارق غاب...في الصبح رأت السيدة ظل امرأة مرسوما فوق طلاء الباب.'' ويقول المهندس محمد السامرائي، غالباً ما تتداخل في استعمالاتنا اليومية مفردتا الباب والبوابة، وليس في ذلك ضير كبير الا عند اقتضاء الدقة والتحديد، ذلك لان الفرق الرئيس بينهما يتمثل في (الحجم ومكان الاستعمال) فإذا كانت لقطة الباب تصرف الذهن عادة إلى أبواب المنزل الاعتيادية بدءاً من الباب الخارجي وصولاً إلى غرف الضيوف والنوم والمكتبة والطعام بما في ذلك باب المطبخ أو السطح او الحمام، فان لفظة البوابة تصرف الذهن إلى الحجوم العملاقة أو المباني الكبيرة كبوابات القلاع والحصون والمساجد والجامعات والقصور العملاقة والمتنزهات والأضرحة وصولاً إلى ما يعرف ببوابات المدن التي تقام عند المداخل.
ويبين الباحث حسن احمد أن نشأة الأبواب ثم البوابات ضمن المباني البشرية الأولى هي مرحلة من مراحل التطور الحضاري ، حيث تم الاستغناء عن الصخور الكبيرة التي استعملها الإنسان القديم لحماية نفسه ليلاً وهو مختبىء داخل الكهوف، وابدل الصخرة بالباب بعد سكنه في بيت صغير، أو بالاحرى كوخ متواضع، مما يعني ان البوابة هي ابتكار دفاعي امني بالأساس قبل أن تمتلك أية دلالة فلسفية أو أخلاقية أو معتقدية لاحقة. وهناك راي يؤكد ان اصل البوابات عربي وعلى سبيل المثال بوابة عشتار البابلية التي يعود تاريخ بنائها الى عام 575 ق.م، أي انها سبقت اقدم بوابة نصر موجودة بالعالم بمئات السنين، ويمكن ملاحظة الأمر نفسه كذلك في بوابات نينوى وبوابات مدينة الحضر، ويرى باحثون بان عمارة بوابات المدن على وجه التحديد، تعود من الناحية التاريخية، إلى قيام المدن الأولى في الرافدين العتيق عندما دعت الضرورة إلى تسويرها.
وتشير الكاتبة نرمين المفتي ، ان مصطلح على باب الله الذي نستخدمه عندما يذهب احدنا إلى باب رزقه والى عمله، يعود في الأساس إلى مدينة بابل، والمشتقة تسميتها من باب-ايلي، أي باب الإله، وكان البابلي عندما يترك مدينته إلى العمل مغادرا من باب ايلي، يقال انه ذهب إلى باب الله . وتضيف انه في المصادر التاريخية، أيضا، نرى ان السومريين عبروا عن أفعال الاستقرار والحماية برسم صورة لوح الخشب الذي كان يغطي مداخل البيوت. ويقول ايمن عبد العزيز سعد (مصور) كلما طرقت الباب أفكر بمن سيفتحه لي. الباب بالنسبة لي سر و مفاجأة، وفترة الانتظار بين الطرق والفتح اعتقدها طويلة وتدفعني إلى التفكير.''
وللابواب دور وتفسير في الأحلام ، فابن سيرين يرى ان الباب في المنام يدل على رجل المنزل والعتبة تدل على زوجته، ام رؤية الباب المفتوح فيدل على بداية جديدة و ناجحة، والمقفل يعني حظ مؤجل ومعطل ، واقتحام الباب عنوة يشير الى مواجهة المتاعب ، والأبواب المفتوحة أبواب للرزق اما البوابة المفتوحة لك في المنام فتدل على ان الشخص سيخطو خطوة جديدة في الحياة ، والبوابة المغلقة دليل على النجاح بعد التعب.
وللجنة ثمانية ابواب ، وعلى المسلم ان يسأل الله سبحانه ثماني مرات (اللهم انّا نسـألك الجنة)، وللنار سبعة ابواب يستعيذ منها المؤمنون.
والباب كان حاضرا في الاساطير ، فعشتار عبرت البوابات السبع للعالم السفلي على امل ان تسترجع حبيبها تموز في اساطير الحب العراقية، كما تشير الباحثة مريم الزعبي .
وتضيف ان الأبواب كانت قطعة واحدة سميكة من الخشب ، أصبحت فيما بعد من درفتين، مثبتة في الحائط، وكان يُدّق على الباب من الخارج قطعة من حديد مربوط بها خيط يُشّد من الخارج فتنزاح ويفتح الباب، وهو المعبّر عنه بالمثل الشعبي(شدّي بالخيط وأعبري)، اما القفل قديماً فكان يصنع من الخشب ومفتاحه من الخشب أيضاً، ثم أصبح يصب من الحديد وكان كبيراً يصعب حمله عكس مفاتيح واقفال هذه الأيام.