في الخامس والعشرين من أيار من كل عام، يحتفل الأردنيون بعيد الاستقلال، مستحضرين لحظة تاريخية مفصلية أعلنت فيها المملكة سيادتها الكاملة عام 1946. وتمثل هذه الذكرى التاسعة والسبعين العظيمة فرصة سنوية لتجديد العهد مع مشروع الدولة الأردنية الحديثة، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني المعظم، على أسس السيادة، والاستقرار، والإصلاح المستمر.
ونحيا هذا العيد الوطني في ظل جهود قادها جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين لتحديث المنظومة السياسية، والتدرج نحو حكومة برلمانية حزبية تنبثق عن برلمان قائم على التعددية والبرامجية؛ حيث شكّل قانون الانتخاب رقم 4 لسنة 2022 خطوة محورية فعلية نحو تشكيل حكومات برلمانية، فقد نصّت المادة 71 منه على تخصيص مقاعد نيابية للأحزاب: 41 مقعدًا في مجلس النواب العشرين (الحالي)، تزداد تدريجيًا إلى 69 مقعدًا في المجلس المقبل (الحادي والعشرين)، و92 في المجلس الثاني والعشرين، إضافة إلى حتمية فوز مرشحين حزبيين ضمن الدوائر المحلية، ما يعزز الحضور الحزبي في البرلمان بشكل شبه تام.
كما حدّث قانون الأحزاب رقم 7 لسنة 2022 مفهوم الحزب السياسي ليشمل، ولأول مرة، المساهمة في تشكيل الحكومات، بدلًا من اقتصار دوره على المشاركة في الانتخابات كما في التشريعات السابقة، ما يعكس نقلة نوعية في فلسفة الحياة الحزبية باتجاه المشاركة في الحكم من خلال حكومة ائتلافية حزبية.
ورغم ضعف الرضا الشعبي حول أداء مجلس النواب الحالي، فإن هذه النتيجة لم تكن مفاجئة، بل تُعد جزءًا من مرحلة تدريب وتأهيل لممارسة العمل الانتخابي والديمقراطي (تستمر لفترة ثماني سنوات) لكل من الناخبين والنواب؛ فالناخب سوف يدرك أهمية الانتقال من التصويت القائم على الجهوية والمناطقية والعلاقات الشخصية، إلى التصويت وفق برامج حزبية، فيما سيوازيه بالمقابل ضرورة ارتقاء النائب بأدائه من خلال العمل الحزبي الكتلوي الهادف إلى تقديم المصلحة الوطنية العليا على المصالح الضيقة، تمهيدًا لمرحلة نضج حزبي ديمقراطي يستجيب لتطلعات ورؤى جلالة الملك ويلبّي حاجات المجتمع.
وفي هذه المناسبة الوطنية الخالدة، يجدد الأردنيون بيعتهم وولاءهم للعرش الهاشمي، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، حامل راية الإصلاح والاستقرار، كما يثمِّنون دور القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، والأجهزة الأمنية، الحامية لسيادة الوطن وكرامة المواطن. فالأردن، بقيادته الحكيمة، وشعبه الواعي، وجيشه الباسل، يواصل مسيرته بثبات نحو المستقبل، مؤمنًا بأن الديمقراطية الحقيقية تُبنى بالتدرج، والإرادة السياسية الراسخة، والشراكة بين جميع مكونات الدولة. وإن ذكرى الاستقلال لا تبقى مجرد احتفال بالتاريخ، بل تجديد للعهد، والعمل المخلص، والعطاء، من أجل أردن أقوى، ودولة أكثر رسوخًا، ونظام سياسي أكثر تمثيلًا وعدالة، في ظل جلالة الملك المحبوب عبد الله بن الحسين المعظم، ووليّ عهده الأمين سمو الأمير الحسين بن عبد الله.
