عيد الاستقلال

تعزيز دور الأحزاب في الحياة البرلمانية لتحقيق الإصلاح السياسي

7 كتل حزبية في مجلس النواب العشرين

تثار في الساحة السياسية الأردنية أسئلة كثيرة حول الحكومات الحزبية والأغلبية البرلمانية ومستقبل العمل الحزبي، في ظل حقيقة ساطعة كالشمس، وهي أن الإصلاح السياسي خيار الدولة الذي لا رجعة عنه.
وتجلت الإرادة الملكية السامية في سير المملكة على طريق الحكومات الحزبية خلال الحوار الذي دار بين جلالة الملك عبدالله الثاني ورئيس اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، رئيس الوزراء السابق سمير الرفاعي، قبل أعوام، حين سأل جلالته الرفاعي أثناء عمل اللجنة الملكية: «متى تتوقعون الوصول إلى حكومات حزبية؟».
وكانت إجابة الرفاعي: «نحتاج إلى عشرين عاماً لتشكيل حكومة حزبية»، لكن الملك كان حاسماً في توجيهاته، وقال: » اعملوا لكي نصل إلى حكومات حزبية بعد عشر سنوات من الآن».
وأسفرت نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة عن فوز عشرة أحزاب سياسية بمقاعد في مجلس النواب العشرين.
وجرى تنظيم تلك الانتخابات وفق قانون الانتخاب الذي انبثق عن مخرجات اللجنة الملكية للتحديث السياسي، والذي يعزز حضور الأحزاب السياسية في مجلس النواب، إذ خصص القانون مقاعد على مستوى الوطن بلغت 41 مقعداً، وحصر التنافس عليها للقوائم الحزبية.
وحالياً، تنشغل النخب السياسية في المملكة بتقييم دور الأحزاب السياسية، خاصة مع حضور 7 كتل حزبية تحت قبة البرلمان.
إن المشهد السياسي للمرحلة المقبلة واضح، إذ سيكون للأحزاب السياسية دور رئيسي في الحياة البرلمانية، وحتى في الحكومات المستقبلية، فنحن اليوم أمام برلمان يتضمن كتلاً حزبية برامجية، وائتلافات تشكل أغلبية برلمانية أو أقلية معارضة.
وعند تقييم عمل الكتل الحزبية تحت قبة البرلمان، لا بد من الأخذ بالاعتبار أن مجلس النواب الحالي في بداية عمره الدستوري، حيث لايزال في أول دورة برلمانية، لكن ما هو واضح أن هناك كتلا حزبية منخرطة في العمل النيابي، وهذا أمر ايجابي يعزز العمل المؤسسي البرامجي تحت قبة البرلمان.
لقد كان أول عمل سياسي للأحزاب تحت قبة البرلمان هو تشكيل ائتلاف عريض ضم ست كتل حزبية، أفرزت تشكيلة شبه توافقية على موقع رئيس مجلس النواب، الذي فاز به مرشح حزب الميثاق، أحمد الصفدي، كما أفرزت تشكيلة المكتب الدائم للمجلس.
الاستحقاق الآخر والهام الذي واجه الكتل الحزبية تحت القبة، هو استحقاق الثقة بحكومة الدكتور جعفر حسان، والتي تشكلت عقب الانتخابات النيابية مباشرة بتمثيل حزبي، من الأحزاب ذات الكتل البرلمانية، كان أبرزهم أمين عام حزب الميثاق، الدكتور محمد المومني، الذي شغل حقيبة وزير الاتصال الحكومي، وأمين عام حزب تقدم، خالد البكار، الذي شغل حقيبة وزير العمل، إضافة لوزراء حزبيين آخرين.
وهنا، تعاملت الكتل الحزبية مع التشكيلة الحكومية بطريقة ايجابية، رغم أن اختيار الوزراء الحزبيين جاء بالطريقة التقليدية، لكن الاختيار بحد ذاته كان تعبيراً من رئيس الوزراء على الانحياز للتجربة الحزبية، والدفع بها إلى الأمام.
ولا يمكن التعامل مع الأحزاب السياسية وقراءة مستقبلها بمعزل عن الإرادة السياسية في تعزيز الحياة الحزبية، وهي إرادة قوية يعبر عنها الملك عبدالله الثاني باستمرار، إذ يحرص جلالته على ايصال رسائل سياسية واضحة للجميع بأن الإصلاح السياسي خيار الدولة الذي لا رجعة عنه، وأن مستقبل العمل السياسي في المملكة سيكون عبر الأحزاب.
ويتطلع جلالة الملك لإحداث إصلاح سياسي يؤدي إلى حياة حزبية فاعلة، تقودنا إلى حكومات حزبية منتخبة، حيث يؤمن جلالته بأن مستقبل الأردن بوجود أحزاب سياسية برامجية، لها امتداد في جميع مناطق المملكة، فخيار الإصلاح السياسي هو خيار ملكي لا رجعة عنه.
ويشدد جلالة الملك في جميع لقاءاته مع الفعاليات الشعبية والسياسية والتعليمية على ضرورة دعم العمل الحزبي والانتماء إلى الأحزاب السياسية، مثلما يدعو الأحزاب إلى تقديم برامج شاملة لقضايا الوطن، ومقنعة للمواطنين لتعزيز انتمائهم لتلك الأحزاب على أسس برامجية.
كما حرص جلالته على اللقاء مع رؤساء الجامعات الرسمية، وحثهم على إزالة أي عقبات أمام انتماء الطلاب للأحزاب، والسماح لهم بمزاولة نشاطاتهم الحزبية داخل الحرم الجامعي، وهو ما حدث بالفعل، ونظمت الجامعات انتخابات مجالس الطلبة لديها لتعزيز الممارسة الديمقراطية.
القضية الأخرى التي تؤكد إرادة الدولة في بناء حياة حزبية فاعلة، تتمثل في التشريعات، حيث تجسدت تلك الإرادة بتحقيق الإصلاح السياسي من خلال إعداد قانوني الانتخاب والأحزاب السياسية، والتعديلات الدستورية المرتبطة بهما.
وتوافقت الأطياف السياسية والحزبية والشعبية على قانون الانتخاب الذي يقسم الاردن الى 18 دائرة محلية، وحدد لها 97 مقعداً، ودائرة انتخابية عامة واحدة على مستوى المملكة، حدد لها 41 مقعداً مخصصة للقوائم الحزبية فقط، إذ منح القانون للناخب صوتين، واحدا للقائمة المحلية والآخر للقائمة الحزبية على مستوى الوطن، في تأكيد تشريعي على أهمية الحياة الحزبية.
أما قانون الأحزاب السياسية، فهو يؤسس لحياة حزبية فاعلة، من خلال تأسيس أحزاب سياسية برامجية تنتشر في جميع أنحاء المملكة، وتضمن القانون الجديد عدة شروط، أبرزها أن لا يقل عدد أعضاء الحزب عن ألف عضو، وأن يعقد الحزب مؤتمراً سنوياً يحضره وجاهياً أكثر من 500 عضو، علاوة على وضع نسب معينة لتمثيل المرأة والشباب في هيئات الأحزاب.
كما حدد القانون مدة معينة للأمين العام للحزب بأن تكون فقط لدورتين للتخلص من مسألة أمين عام مدى الحياة.
وفي الختام، تجدر الإشارة إلى أن أداء الكتل النيابية الحزبية تحت قبة البرلمان، هو عامل أساسي لتعزيز الحياة الحزبية، وعليه، فإن الكتل النيابية مطالبة بتعظيم العمل البرامجي، والابتعاد عن العمل الفردي، وتقديم برامج مدروسة، وخطط تنفيذية واضحة لجميع القطاعات، والتفاعل مع قضايا الوطن والمواطنين بطريقة مؤسسية.