تزامناً مع احتفالات المملكة بعيد الاستقلال، كمناسبة لتعزيز البناء والإنجاز الوطني، والتزاما بالرؤية الملكية في تعزيز كرامة الإنسان الأردني، تبرز جهود وزارة التنمية الاجتماعية في تعزيز ومأسسة منظومة الحماية الاجتماعية، التي تأتي انعكاسا مباشرا لتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني، وانسجاما مع أولويات الدولة في التحديث الإداري والاقتصادي والسياسي، وتجسيدا لمفهوم التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية ضمن محاور متعددة.
وفي هذا الصدد، تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية (2025 - 2033) في إطار التزام الحكومة الأردنية بتطوير منظومة الحماية الاجتماعية وضمان استجابتها للتحولات الاجتماعية والاقتصادية، أنهت الوزارة إعداد النسخة المحدثة من الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية (2025–2030)، بالتعاون مع الشركاء في القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني.
وتُعد هذه الاستراتيجية التي تم اطلاقها في العاشر من الشهر الجاري تحديثا للاستراتيجية السابقة (2019–2025)، وتهدف إلى تعزيز شمولية واستدامة نظام الحماية الاجتماعية، مع التركيز على تقديم خدمات متكاملة ومتناسقة، وتعزيز فرص المشاركة الاقتصادية، ورفع كفاءة الإنفاق على برامج الحماية الاجتماعية، وتحقيق التكامل بين البرامج المختلفة، وتفعيل الربط الإلكتروني بينها.
وتتضمن الاستراتيجية المحدثة أربعة محاور رئيسية «كرامة الذي يعنى بالمساعدات الاجتماعية، وتمكين المتعلق بالخدمات الاجتماعية المتعلقة بالصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية، وفرصةالمعني بالعمل اللائق والضمان الاجتماعي، وصمود لتعزيز الاستجابة للصدمات والأزمات».
تطوير التشريعات
حرصت الوزارة على تطوير البنية التشريعية والتنظيمية بما يواكب المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية، ويعزز الاستجابة لاحتياجات الأفراد والأسر والمجتمعات، وذلك من خلال إصدار قانون التنمية الاجتماعية رقم (4) لسنة 2024 وقانون حقوق الطفل رقم (17) لسنة 2022، ومجموعة من الأنظمة الداعمة لبرامج الرعاية والحماية الاجتماعية.
ومن أبرز الأنظمة ذات العلاقة نظام ترخيص جمع التبرعات لسنة 2025 بهدف تنظيم عمليات جمع التبرعات وتعزيز الشفافية والمساءلة، وضمان وصول التبرعات إلى مستحقيها، وحماية المتبرعين والجهات القائمة على جمع التبرعات من الاستغلال أو المساءلة القانونية.
وفي هذا أصدرت مجموعة من الأنظمة «مزاولة مهنة العمل الاجتماعي رقم (91) لسنة 2024 ونظام ترخيص دور رعاية المسنين والأندية الخاصة بهم رقم (98) لسنة 2024، ونظام الاتحادات رقم (5) لسنة 2024 ونظام دور الحضانة رقم (6) لسنة 2024 ونظام المراكز الايوائية للاشخاص ذوي الاعاقة رقم (39) لسنة 2024.
كما أصدرت نظام حماية الاحداث رقم (36) لسنة 2024، ونظام معدل لنظام التنظيم الإداري لوزارة التنمية الاجتماعية رقم (99) لسنة 2024 ونظام معدل للنظام المحدد لاحكام الانظمة الاساسية للجمعيات رقم 25 لسنة 2023.
وفي إطار التعليمات أصدرت الوزارة جملة من التعليمات ذات العلاقة بتجويد العمل والخدمة أبرزها «تعليمات تنظيم أنشطة إدارة دور حضانة اماكن العمل الخاصة لسنة 2024 وتنظيم حضانات اماكن العمل العامة رقم لسنة 2024.
وتنظيم دور الحضانات الخاصة لسنة 2024».
أما في مجال التحول الرقمي فقد حققت الوزارة إنجازات ملموسة في مجال التحول الرقمي، ضمن جهودها لتحديث الخدمات وتعزيز الشفافية والكفاءة في تقديم الدعم للفئات المستهدفة، ومن أبرزها «إطلاق (58) خدمة مرقمنه ضمن مشروع تطوير الخدمات بالتعاون مع وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة واستحداث غرفة مراقبة كاميرات مركزية كأداة رقابية لحماية وصون حقوق المنتفعين والمنتفعات».
حصلت الوزارة على جائزة ختم التميز ضمن جائزة الملك عبد الله الثاني للتميز والريادة في دورتها التاسعة عن فئة الوزارات الكبيرة (المركز الثاني)، وذلك تقديراً للتحسّن الكبير في الأداء المؤسسي وارتفاع مستوى الخدمات المقدّمة للمواطنين، خصوصًا للفئات المستهدفة بشكل مباشر. وقد تحقق هذا الإنجاز في ظل جهود واضحة لترسيخ ثقافة مؤسسية قائمة على التميّز والجودة، لا سيما مع الدعم الفاعل من الإدارة العليا في تبني ممارسات التحسين المستمر، والمشاركة الفاعلة للموظفين في تطبيق معايير التميز المؤسسي، مما أسهم في رفع كفاءة الأداء وتحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع.
مبادرات ملكية
تجسد المبادرات الملكية في الأردن دعمًا حقيقيًا ومؤثرًا لجهود وزارة التنمية الاجتماعية في رعاية وتمكين الفئات الأكثر حاجة في المجتمع. وتُنفذ الوزارة عددًا من هذه المبادرات التي تستهدف الجمعيات الخيرية، وكبار السن، والأيتام، والأشخاص ذوي الإعاقة، بالإضافة إلى الأسر العفيفة، من خلال إنشاء وتطوير المراكز والمؤسسات المعنية، وتوفير الدعم الفني واللوجستي اللازم.
وبرزت مبادرة مساكن الأسر العفيفة كإحدى المبادرات الريادية التي تُشرف عليها الوزارة، وتهدف إلى توفير بيئة سكنية كريمة وآمنة للأسر الأكثر حاجة في مختلف محافظات المملكة، ما يسهم في تحسين ظروفها المعيشية واستقرارها الاجتماعي. كما تسهم المبادرات الملكية في تمكين الجمعيات من أداء دورها التنموي من خلال تنفيذ مشاريع إنتاجية وتوفير بنى تحتية ملائمة.
العمل التطوعي
يُعد تنظيم العمل التطوعي المؤسسي وتفعيله أحد المحاور الأساسية في جهود وزارة التنمية الاجتماعية لتعزيز المشاركة المجتمعية وتحقيق التنمية المستدامة. وبلغ العدد التراكمي للجمعيات المسجلة والقائمة بموجب قانون الجمعيات النافذ 6106 جمعية، منها 3740 جمعية تقع ضمن نطاق إشراف الوزارة، ما يشير إلى انتشار واسع لمؤسسات المجتمع المدني على امتداد مناطق المملكة كافة.
وتُولي الوزارة اهتمامًا خاصًا بتعزيز دور هذه الجمعيات في تقديم الخدمات الاجتماعية وتنمية المجتمعات المحلية، حيث يجري دعم نحو 500 جمعية سنويًا لإقامة مشاريع تنموية. وقد أسهم هذا الدعم في توفير فرص عمل مؤقتة ودائمة، وتمكين الفئات المستهدفة اقتصاديًا واجتماعيًا، فضلًا عن تطوير بنية الخدمات المجتمعية في المناطق الأقل حظًا، وتعزيز روح الريادة والمبادرة لدى مؤسسات المجتمع المدني، مما يعكس الأثر الإيجابي لاستثمار طاقات العمل التطوعي ضمن إطار مؤسسي منظم ومستدام.
وفي هذا السياق حصلت جمعية همتنا الخيرية على المركز الأول في جائزة الحسين بن عبدالله الثاني للعمل التطوعي عن فئة المؤسسات غير الربحية، وذلك في دورتها الثانية التي أُقيمت في كانون الأول 2024.
تمكين الأسر
تعمل الوزارة على تقديم خدمات الإسكان للأسر الفقيرة والعفيفة من خلال صيانة وشراء وبناء المساكن للأسر الأشد فقراً، بهدف تحسين ظروفها المعيشية ودعمها في أداء وظائفها الأساسية، بما في ذلك الرعاية الاجتماعية وتعزيز إنتاجيتها في المجتمع.
كما تسعى الوزارة إلى تمكين الأسر اقتصادياً من خلال تنفيذ مشاريع للأسر المنتجة وريادة الشباب، حيث بلغ عدد هذه المشاريع التراكمي 5938 مشروعاً، ساهمت في تحسين دخل الأسر وتوفير فرص عمل لفئة الشباب.
وتولي الوزارة اهتماماً خاصاً بتمكين المرأة اقتصادياً، من خلال تنفيذ «منهج الواحة» في مراكز التنمية المجتمعية، والذي يهدف إلى تدريب النساء والفتيات على مهارات مثل الخياطة والتجميل. منذ عام 2019، استفادت من البرنامج نحو 5000 امرأة وفتاة عبر 18 مركزاً.
وفي مجال حماية الطفولة، تنفذ الوزارة مشروع «مكاني» الذي يوفر مساحات آمنة لدعم التعليم ومهارات الحياة والدعم النفسي والتوعية الوالدية. نفذ المشروع في 14 مركزاً واستفاد منه أكثر من 52 ألف امرأة وطفل بين عامي 2021 و2024، كما وفر 104 فرصة عمل لميسرات البرنامج.
وتعمل الوزارة على التوسع في خدمات الحضانات، حيث بلغ العدد التراكمي 1272 حضانة تخدم نحو 51 ألف طفل وطفلة، إلى جانب تقديم برامج الرعاية المؤسسية والرعاية الأسرية البديلة للأطفال المحتاجين للحماية والرعاية، وخدمات الطفولة المبكرة المنتشرة في مختلف مناطق المملكة، لتعزيز مشاركة المرأة في سوق العمل.
كما تنتهج الوزارة أسلوب العمل التشاركي في إدارة حالات العنف الأسري، وتقديم خدمات متكاملة للضحايا، بالإضافة إلى تقديم برامج إصلاحية ودمج مجتمعي للأحداث الموقوفين والمحكومين في دور تربية الأحداث.
وفيما يتعلق بالأشخاص ذوي الإعاقة، تقدم الوزارة خدمات متعددة بالتعاون مع الشركاء، مثل خدمات التدخل المبكر للأطفال، والخدمات النهارية الدامجة، وتعتمد نموذج الرعاية الأسرية بديلاً عن الرعاية المؤسسية، مع استمرار تقديم خدمات متكاملة للأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية داخل مؤسسات الإيواء.
وتؤمن الوزارة بأهمية تعزيز المسؤولية المجتمعية كركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية. وتعتمد على الشراكة الفاعلة مع القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني لتنفيذ برامج ومبادرات تخدم الفئات الأكثر حاجة. ومن أبرز الشركاء الاستراتيجيين في هذا المجال (جمعية البنوك الأردنية وشركة البوتاس الأردنية ومبادرة «بنعمرها"أطلقتها وزارة التنمية الاجتماعية بالشراكة مع مؤسسات مجتمع مدني وقطاع خاص.
