يستذكر الأردنيون بكل فخر واعتزاز في هذه الأيام عيداً وطنياً وقومياً عزيزاً على قلب كل أردني وعربي، وهو ذكرى استقلال المملكة الأردنية الهاشمية الـ 79، هذه المناسبة التي سطر خلالها الهاشميون وأبناء الأردن سجلات خالدة عريقة لمسيرة أجيال النهضة العربية الكبرى.
وكتبوا بمداد من المجد تاريخاً من التضحيات لأجل بناء قلعة العروبة وحصنها المدافع عن مقدساتها الإسلامية والمسيحية وصون كرامتها.
والاحتفال بعيد الاستقلال هو في حقيقته احتفال بالإنجازات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تحققت عبر عقود طويلة بجهود البناء والعطاء التي يقودها الهاشميون بحكمة واقتدار، وسط هذا المناخ السياسي الملتهب، والاقتصادي المضطرب، فكان النجاح وتجاوز التحديات المتعاقبة حتمياً بعزيمة القيادة وإرادتها، ومن خلفها الشعب الأردني المؤمن والواثق بقيادته.
وبهذه المناسبة، بين الأمين العام للجنة الملكية لشؤون القدس، عبد الله كنعان، أن مسيرة الاستقلال وما تخللها من محطات كفاح وتضحيات، لم تكن مفصولة أبداً عن مسار الدفاع والنضال الأردني عن العروبة وقضايا الأمة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وجوهرتها القدس، فالنضال لأجل فلسطين وشعبها وأرضها ومقدساتها ما يزال وسيبقى يشكل جوهر جهود القيادة الهاشمية والشعب الأردني في البناء على الاستقلال، والمضي قدماً في مسار التنمية الشاملة.
وأضاف كنعان ان مكانة الأردن الدولية الرفيعة في المحافل الدولية، والتي ترسخت بالسياسة والدبلوماسية الرشيدة، والثقة بالمملكة قيادة وشعباً، جعلت صوت القضية الفلسطينية ومصالح أهلها وحقوقهم التاريخية والشرعية والقانونية تتصدر الاهتمام الأردني على الدوام، فالاستقلال والبناء والازدهار هو قوة دعم وإسناد لأهلنا في فلسطين.
وقال إن قراءة تاريخ النضال لأجل الاستقلال والدفاع عن الوطن الغالي، تكشف عن بطولات تاريخية لأجل فلسطين والقدس، ضد الاحتلال الذي كانت وما زالت مخططاته الخبيثة تستهدف المنطقة والأمة كلها، وليس فلسطين فقط، لافتاً إلى أن هذا الوعي الأردني العميق كان واضحاً ومتجلياً فيما يمكن تسميته (استراتيجية وثوابت الوعي الأردني التاريخي)، فمنذ انطلاق النهضة العربية الكبرى عام 1916 رفض الشريف الحسين بن علي التنازل عن أي شبر من فلسطين والبلاد العربية التي طالب بوحدتها وحريتها واستقلالها، واستمرت مسيرة الثوابت القومية مع قيام إمارة شرقي الأردن عام 1921، حيث تكررت وتأكدت المواقف السياسية والحزبية الرافضة لوعد بلفور والمطالبة بوقف الهجرة اليهودية الاستيطانية إلى أرض فلسطين التاريخية، وما أن استقلت المملكة الأردنية الهاشمية بتاريخ 25 أيار عام 1946، حتى خاض الجيش العربي الأردني المعارك والحروب من أجل الدفاع والنضال عن فلسطين والقدس، فكانت معارك باب الواد واللطرون والقدس وحرب 1967 ومعركة الكرامة عام 1968 وغيرها من وقائع العزة والشرف، التي قدمت فيها البوادي والقرى والمدن الأردنية الشهداء والجرحى، يتقدمهم شهيد الأقصى وموحد الضفتين المغفور له الملك المؤسس عبد الله الأول بن الحسين، ومن بعده استمرت أمانة ورسالة الدفاع عن فلسطين من قبل المغفور لهما الملك طلال بن عبد الله والملك الحسين بن طلال.
وبحسب كنعان، تزامن مع هذه المحطات النضالية، وما يزال، اشتباك دبلوماسي وسياسي أردني بكل المحافل الدولية، فكانت نتيجته عشرات القرارات الدولية الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي واليونسكو وغيرها من المنظمات الدولية، وكذلك الاجتماعات واللقاءات الدولية نصرة للشعب الفلسطيني، وتأكيداً على حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
وأوضح أنه استكمالاً لهذا التاريخ الأردني الهاشمي العريق، الذي يعرفه القاصي والداني، ووسط ما يجري من عدوان إسرائيلي وحشي على غزة والضفة الغربية، من تدمير وإبادة وتهجير واقتحام ومخططات تهويد وتقسيم تستهدف المسجد الأقصى المبارك، تمتد الرعاية وتستمر الجهود بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، صاحب الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، بما في ذلك الجهود الإنسانية الإغاثية المتواصلة لأهلنا في غزة، والمستشفيات الميدانية العسكرية الأردنية على امتداد فلسطين المحتلة، وجهود المؤسسات الرسمية والأهلية الأردنية المساندة لفلسطين والقدس.
وأكد أن هذه الرعاية ستبقى سياسة ونهجاً أردنياً ثابتاً، رغم محاولة البعض عبر ادعاءات وإشاعات باطلة يقصد بها عبثاً التأثير على النسيج القومي للجهود الأردنية، هذا النسيج القوي المتين الذي وثقته محطات النضال والتاريخ الأصيل من الأخوة تجاه فلسطين.
وختم كنعان تصريحه قائلاً: «بهذه المناسبة، يسر اللجنة الملكية لشؤون القدس أن تتقدم من القيادة الهاشمية والشعب الأردني ومن جيشنا الباسل وأجهزتنا الأمنية، حماة الاستقلال، ومن الأمة مباركين ومهنئين بالذكرى (79) لاستقلال المملكة الأردنية الهاشمية، هذا الاستقلال الذي يجب الحفاظ عليه والذود عنه وعن منجزاته الوطنية والقومية والإنسانية، واجب شرف في أعناق وسواعد جميع أبناء الوطن، كما أن على الأمة العربية والإسلامية دعم صمود الأردن واستقلاله، باعتباره يمثل، خاصة في هذا الوقت العصيب، خط الدفاع الأول عن فلسطين والأمة ضد المخططات الصهيونية التي تستهدفنا جميعاً، والتي زادت وتيرتها مع حكومة اليمين الإسرائيلية المتطرفة التي تنشر الكراهية والشر في المنطقة، وبشكل يهدد الأمن والسلام العالميين».