.. نجحت سيدة في انتخابات نقابة أطباء الأسنان، أظن أنها المرة الأولى في تاريخ الأردن التي تتسلم فيها سيدة موقعاً نقابياً يعتبر الأول في هذه النقابة، وعبر صندوق الاقتراع.
هذا الأمر يبشر بالخير، لأنه يعني تحرر النقابات من سلطة الأحزاب.. وبالتحديد من سلطة (الإسلاميين)، هذا أيضا يؤكد أن المرأة الأردنية من الممكن أن تصل للمواقع المتقدمة، دون الحاجة (لكوتا)، ولا لقوى دفع تشريعية تضمن لها مقعدا، ولا تحتاج لأن تكون إكسسوارا في الحياة العامة.
هذا يؤكد أيضا أن (أطباء الأسنان) فيهم تيارات ليبرالية حقيقية وليست مصطنعة، ويؤكد أن هذا الجسم النقابي يؤمن بالكفاءة، فالسيدة التي نجحت هي مُدرسة في إحدى الجامعات ولديها تاريخ أكاديمي حافل كما قرأت.
تجربة نقابة أطباء الأسنان يجب أن تعمم على الدولة، ويجب أيضا أن تقرأ في إطار واحد وهو: أن هذه السيدة المبدعة نجحت في كسر معادلات كل منظمات المجتمع المدني، وما يسمى (بالجندر)، وحصلت على مقعدها بحضورها، ولم تحصل عليه بالتحالف مع هذه المنظمات التي رسخت مبدأ (الكوتا) وتمكين المرأة، والدعوات التي تبنتها، وتشير في معظمها إلى تدني حقوق المرأة، وإلى تهميشها وإقصائها..
من جهة أخرى يؤكد أيضا، أن مجتمعا نخبويا مثل أطباء الأسنان، يجرؤ أن يقدم عنصر الكفاءة والاقتدار، على عنصر التحالفات التي تنتج من تحت الطاولة، وعلى عنصر الأحزاب التي تحتكر كل شيء، وعلى عنصر الخطاب التعبوي التحريضي، على حساب خطاب الحقوق والكفاءة والمهنة.
الأمر مهم جدا أيضا هو: أن هذه السيدة حققت قفزة في الأردن، تتجاوز كل مؤتمرات الثرثرة التي تنتج في الفنادق، وكل توصيات السفارات، تجاوزت حزن المجموعة الأوروبية على حقوق المرأة، وتقارير بعض السفارات عن تهميشها.
الحكومة يجب أن تقرأ التجربة جيدا، وتقرأ مجتمع النقابات أكثر.. فهذا المجتمع هو الآخر يستطيع أن يتبنى مشروع الإصلاح السياسي، أكثر من الأحزاب، وهل يوجد إصلاح في الدنيا أكثر من فوز سيدة أردنية بموقع نقيب صيادلة، كان فيما مضى حكرا على الرجال.. والحكومة تستطيع أن تنقل الملف، من الأحزاب التي طبخت على عجل، وأنتجت فيما بعد عزوفا وترددا، ولولا قانون القائمة الوطنية لما وصل أحد من منتسبيها للبرلمان.. تستطيع أن تنقله للنقابات، فهي تمثل مجتمع النخبة وصفوة الناس.
آية الأسمر قصة تقرأ، ليس في إطار الفوز برئاسة نقابة، لكن في إطار تحولات جذرية في العمل النقابي الأردني، وفي إطار تبدل العقلية.. وفي إطار إنتاج قيادة نسائية من خارج إطار الحكومة ومن خارج إطار (الكوتا)
لا أملك إلا أن أقول للدكتورة اية الأسمر (عفية).
