خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

إبل العليا: إنجاز علمي يوثق لموروث حضاري أردني أصيل (صور)

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ

د. نزار جمال حداد-باحث في شؤون البيئة والزراعة والمياه - في رحاب وادي عربة، حيث ترقص الرمال على أنغام الريح، تمضي إبل العليا شاهدةً على تاريخ طويل من الصمود والإصرار. هناك، تحت سماء لا تعرف حدودًا، تتوارث الإبل أسرار الأرض، وتحمل بين جنباتها تراث أمة ضاربة بجذورها في عمق الصحراء.

إبل العليا ليست مجرد حيوانات تُرعى، بل كائنات تشكل جزءًا حيًا من هوية البادية الأردنية، وحلقة نابضة من سلاسل الارتباط العميق بين الإنسان وأرضه.

في هذا السياق، قدتُ فريقًا بحثيًا لمشروع علمي وطني بالشراكة مع نخبة من الباحثين من المركز الوطني للبحوث الزراعية، وبالتعاون مع الجامعة الأردنية، وجامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، وجامعة جرش، بمشاركة شركة “فكتوري جينومكس”، إحدى الشركات المحتضنة في حاضنة الابتكار الزراعي التابعة للمركز الوطني.

اعتمد المشروع على تقنيات تسلسل الجينوم الكامل، حيث تم تحليل عينات من خمسة عشر من إبل العليا وتسع عينات مختلطة، إلى جانب مقارنة بيانات 48 جينومًا منشورًا لجمال أخرى من الجزيرة العربية.

وقد جاءت النتائج قاطعة: إبل العليا تحمل بصمة وراثية متفردة، تميزها عن جميع السلالات الأخرى، مؤكدًة أنها سلالة مستقلة، تستحق الاعتراف والحماية.

ونُشرت نتائج هذا البحث في إحدى المجلات العلمية المتخصصة والعريقة عالميًا، مما يمنح النتائج وزنًا نوعيًا إضافيًا ويؤكد قيمتها العلمية الرفيعة.

تتجلى أهمية هذا الاكتشاف في أبعاده العلمية والبيئية معًا. فوجود سلالة تمتاز بقدرة عالية على التحمل، وإنتاج وفير للحليب، وسرعة لافتة في السباقات، يمثل فرصة فريدة لدعم التنوع الحيوي وتعزيز الأمن الغذائي في البيئات الصحراوية.

وقد برهنت نتائج البحث أن الحفاظ على إبل العليا ليس ترفًا ثقافيًا، بل ضرورة علمية وإستراتيجية لمواجهة تحديات المناخ وشح الموارد الطبيعية.

ومع ذلك، تبقى إبل العليا أكثر من مجرد معطيات جينية. فهي مرآة لروح الصحراء الأردنية، ورمزٌ من رموز البداوة الأولى التي حُفرت ملامحها على صخور النقوش الثمودية منذ آلاف السنين.

في وجدان الأردنيين، كانت الإبل دائمًا عنوانًا للعزة والكرم، تجلت في أشعارهم وغنائهم، ولا تزال تنبض بالحياة في سباقات الهجن وأسواق المراعي.

وكأن الصحراء نفسها تهمس لنا بما قاله المتنبي:

وإذا كانت النفوسُ كبارًا

تعِبتْ في مرادِها الأجسامُ

هكذا علمتنا إبل العليا: أن بلوغ المجد لا يتحقق إلا بالصبر، والعمل، وشموخ النفس.

اليوم، تقع علينا مسؤولية وطنية وأخلاقية تجاه إبل العليا. يجب أن نسارع إلى الاعتراف الرسمي بها كسلالة فريدة، ونطور برامج حماية مستدامة، وننشر الوعي بقيمتها العلمية والثقافية.

فحماية إبل العليا ليست مجرد صون لسلالة أصيلة، بل حفظٌ لذاكرة وطن، وإيمانٌ بأن الجذور التي صمدت أمام رياح الصحراء، قادرة أن تزهر مستقبلًا مشرقًا في أردننا.

الرابط الى البحث:-
https://academic.oup.com/jhered/advance-article-abstract/doi/10.1093/jhered/esae076/7943567?login=false

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF