يشهد لواء المزار الجنوبي، وتحديدًا بلدة محي النائية، تحولًا تنمويًا واجتماعيًا ملحوظًا بفضل الدور الحيوي الذي ينهض به مركز تنمية المجتمع المحلي، والذي تخطى تقديم الخدمات التقليدية ليصبح رافعة حقيقية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، عبر تعزيز الأمن الاجتماعي، ونشر الوعي والتثقيف، وتوفير فرص العمل ومصادر الدخل للأسر في المناطق الأشد فقرًا في الجنوب الأردني.
وأكد مدير تنمية المزار الجنوبي الدكتور نجيب الضلاعين، أن بناء مجتمع متكامل ومستقر يتطلب معالجة القضايا الاجتماعية والتحديات المعيشية بوعي ومسؤولية، مشددًا على ضرورة تكاتف الجهود الوطنية لتحقيق مظلة أمان اجتماعي تُعد أساسًا لانطلاق عملية التنمية الشاملة.
وأشار الضلاعين إلى أن الوعي المتزايد بين أبناء لواء المزار الجنوبي، خاصة في المناطق النائية وجيوب الفقر، بأهمية العمل التنموي والاستقرار الاجتماعي، أسهم في ظهور مؤسسات رديفة لمديرية التنمية، تعمل بروح الفريق، وتقدم برامج لا تقتصر على التوعية، بل تمتد إلى التمكين الاقتصادي والإنتاج.
وأوضح أن بلدة محي شكّلت نموذجًا لهذا التحول، بفضل إنشاء مركز لتنمية المجتمع المحلي، الذي أسهم في إحداث تغيير حقيقي في طبيعة الحياة الاجتماعية والاقتصادية لعشرات الأسر.
ونفذ المركز مشاريع نوعية أبرزها مشروع التمكين المجتمعي بالتعاون مع الجمعية الألمانية لتعليم الكبار (dvv)، والذي قدم قروضًا إنتاجية أسهمت في إطلاق أكثر من 58 مشروعًا صغيرًا، وفرت فرص عمل وحسّنت مصادر دخل العائلات.
ولفت إلى أن المشروع شمل أيضًا تدريب سيدات من المجتمع المحلي على مهارات متعددة، مثل صناعة الحلويات والمعجنات، وأعمال الصالونات التجميلية، والكتابة على الزجاج، إلى جانب دورات حاسوبية حصلن فيها على شهادات معتمدة من وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة.
كما نظم المركز دورات متقدمة في صيانة الأجهزة الذكية والخلويات، استفاد منها مئات المشاركين منذ عام 2018 وحتى اليوم، ما مكن العديد منهم من تأسيس ورش ومراكز صيانة باتت مصدر دخل ثابت لهم.
وبيّن الضلاعين أن أنشطة المركز امتدت لتشمل برامج صعوبات التعلم، وتعزيز العمل التطوعي في مؤسسات المجتمع المحلي، خاصة في المدارس والمرافق الخدمية، مما ساعد في ترسيخ ثقافة المسؤولية والمشاركة المجتمعية بين الأهالي.
وفي سياق قصص النجاح، أشار الضلاعين إلى أن مركز محي أسهم في انطلاق أكثر من 14 مشروعًا ناجحًا، منها تأسيس مركزين لصيانة الخلويات ومركز تجميلي بإدارة متدربين من المركز، إضافة إلى تمكين عشرات النساء من إطلاق مشروعات منزلية، مثل صناعة الشوكولاتة، والصابون، والحجر العطري، التي أصبحت مصادر دخل أساسية لهن ولعائلاتهن.
ويضيف الضلاعين أن تجربة مركز تنمية محي تشكل اليوم قصة نجاح ملهمة في تعزيز مفهوم التنمية المستدامة، إذ برهنت على أن الاستثمار الحقيقي يبدأ بتمكين الإنسان وتأهيله لقيادة التغيير داخل مجتمعه نحو مستقبل أفضل.