كتاب

صراع الممرات المائية بين الصين والولايات المتحدة

بعد رفع الرسوم الجمركية على 184دولة في العالم وبنسب تتراوح بين 10% الى 49% وما احدثته من صدمة عالمية في الأسواق المالية الأميركية، والتي هددت العالم بدخول عميق في الركود التضخمي والذي ازدادت احتماليته بنسبة 65%، تراجع الرئيس ترمب عن قراره ولو بشكل مؤقت باستثناء الصين التي يعتبرها المنافس الوحيد للاقتصاد الأميركي، واستعر الرد بين البلدين وكأنهما في قاعة مزادات بدون إدراك لعواقب تلك الإجراءات.

إن ما يخطط له ترمب هو الاستيلاء على جميع الممرات المائية في العالم او ما يعرف بالمضائق وذلك للتحكم بسير التجارة العالمية وخصوصا تجارة الصين مع العالم؛ لأن الولايات المتحدة أدركت أن الصين من خلال مشروعها الحزام والطريق والذي أطلقته عام 2013 ليشمل تأميناً سهلاً وآمناً لتجارتها مع العالم من خلال تهيئة البنى التحتية لجميع انواع النقل اللوجستي، حيث استثمرت في إفريقيا وأميركا اللاتينية قرابة ترليون دولار، فعندما شعرت الولايات المتحدة بهذا الخطر أرادت أن تقطع الطريق بين الشرق والغرب من خلال إنشاء طريق التوابل قبل?عامين، لكن المشروع اصطدم بحرب غزة حيث كان من المؤمل شق قناة بديلة عن قناة السويس إضافة إلى ربط السكك الحديدية بين أوروبا والهند، وليس هذا فحسب فأثرت تلك الحرب على ممر آخر ذي أهمية كبيرة وهو مضيق باب المندب فأرسلت الولايات المتحدة حاملة الطائرات لضرب الحوثيين لأن هذا الممر أصبح غير آمن على سفن الولايات المتحدة، وسيكون الممر النفطي الأهم الآخر الذي يؤمن أكثر من 25% من تجارة النفط العالمية بأمان عندما تتمكن الولايات المتحدة من التفاوض مع إيران بإبرام صفقات تجارية معها تحت التهديد حيث ترسل اليوم حاملة طائرات أ?رى لتلك المنطقة.

أما بالنسبة للمضيق الذي يقع بالقرب من الولايات المتحدة والذي يربط المحيط الأطلسي بالمحيط الهادي والذي كانت تملكه شركات صينية، فقد قرر ترمب أن يضع يديه على هذا المضيق عندما حاول في البداية إطلاق يد شركة بلاك روك لتستحوذ على الميناءين؛ الميناء الأول الذي يطل على المحيط الأطلسي والآخر على المحيط الهادي لكن لا تزال الأمور عالقة مع الصين والتي ترفض هذه الصفقة مما دفع الولايات المتحدة على لسان وزير دفاعها إلى إرسال قوات عسكرية لبنما لحماية الميناء.

اما بالنسبة للممرات الشمالية للكرة الأرضية حيث يعلم الجميع أن الطريق ستكون اقصر عند سلوك تلك الممرات وأصبحت اليوم عملية أكثر بسبب ذوبان الثلوج حيث ستسمح خلال الفترة القادمة بمرور السفن التجارية من خلال القطب الشمالي، فمن هنا كان لا بد من الاستيلاء على المنطقة التي تمكن الولايات المتحدة من السيطرة على القطب الشمالي هناك من خلال الاستيلاء على جزيرة غرينلاند وعمل قاعدة عسكرية، ناهيك عن الفوائد التي ستجنيها الولايات المتحدة عند الاستيلاء على تلك الجزيرة لما تحتويه على عناصر نادرة وثروات معدنية أخرى.

في الختام ستصبح الممرات العالمية بيد الولايات المتحدة وستحميها بالقوة العسكرية لتفرض شروطا جديدة على دول العالم من حيث رفع الرسوم او منع وتأخير شحنات البضائع وخصوصا الصينية او المواد الخام التي ترد اليها وستعمل على تفتيش السفن التي تشكل تهديدا على اقتصادها من حيث التأكد من حظر المواد الأولية وغيرها أو حتى حصار الدول اقتصاديا.