كتاب

الأردن.. موقف ثابت لا تزعزعه المزايدات

تابع الأردنيون يوم الاثنين الموافق 21 نيسان 2025 كلمات السادة النواب تحت قبة البرلمان، والتي حمل بعضها القليل انتقادات لموقف الحكومة الأردنية من العدوان الإسرائيلي على غزة.

والغريب في الأمر، أن بعض هذه المداخلات جاءت وكأنها تغفل أو تتغافل عن سلسلة من الجهود الكبيرة والجبارة والمشرّفة التي بذلتها الدولة الأردنية، بقيادتها الهاشمية وحكومتها، في دعم القضية الفلسطينية ومواجهة آلة القتل الإسرائيلية.

إن المواقف الأردنية، وعلى رأسها موقف جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، كانت ولا تزال من الأكثر وضوحاً وشجاعة في العالم. فقد قاد جلالته حملة دبلوماسية رفيعة المستوى، حشد فيها الدعم الدولي، ورفع الصوت عالياً في وجه الصمت العالمي، مطالباً بوقف العدوان وحماية الأبرياء، ومؤكداً على ضرورة قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية.

كما أن الحكومة الأردنية، ممثلة بالرئيس وبوزارة الخارجية، لم تألُ جهداً في إيصال الموقف الأردني إلى كل المنابر الدولية. فهل يُعقل أن يتم تجاهل هذه المواقف أو التشكيك بها؟ أم أن البعض يفضل الخطابات الرنانة على العمل الحقيقي الذي يتطلب حكمة وحنكة سياسية؟

لا يمكن إنكار أن الأردن، بشعبه ومؤسساته، يقف موقفاً مشرفاً نابعاً من الإيمان العميق بعدالة القضية الفلسطينية، لا طمعاً بمكاسب ولا سعياً وراء إرضاء أي طرف. فالدولة الأردنية لم تتاجر يوماً بالقضية، بل قدمت التضحيات الجسيمة من أجلها، سياسياً وإنسانياً وحتى عسكرياً.

ومن غير المقبول أن يفصل البعض بين الحكومة والدولة وكأن الحكومة كيان معزول أو مستورد. فرئيس الوزراء والوزراء هم أبناء هذا الوطن، خرجوا من بين أبناء الشعب وسيعودون إليه بعد انتهاء مهامهم، وهم يعملون تحت مظلة القيادة الهاشمية وبموجب الدستور الأردني، في دولة قائمة على القانون والمؤسسات.

أما القيادة الهاشمية، فهي الركيزة الأساس في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، عبر الوصاية الهاشمية التي تمثل صمام الأمان في وجه مخططات التهويد وتغيير الهوية التاريخية للمدينة المقدسة. وهذا الدور ليس طارئاً، بل ممتد عبر قرون، ويستند إلى شرعية دينية وتاريخية وسياسية لا يملك أحد إنكارها أو التقليل منها.

كفانا مزايدات! كفانا تحميل الدولة الأردنية ما لا تحتمل من اتهامات مجحفة وهجوم غير مبرر. إن إنكار الدور الأردني ليس فقط إجحافاً، بل طعنة في خاصرة الحقيقة. إن النقد البنّاء مرحّب به في كل زمان ومكان، لكن المزايدات والتشكيك في المواقف الوطنية الثابتة لا يخدم سوى أعداء الوطن. فلنقف جميعاً صفاً واحداً خلف الدولة، قيادةً وحكومةً ومؤسسات، ولنُعطِ كل ذي حق حقه، بعيداً عن الإثارة والشعارات.

عاش الأردن.. وعاش الملك