كتاب

بين حلّ الجماعة واعتبارها جماعة محظورة

ما هو الاجراء القانوني الممكن تجاه جماعة الإخوان المسلمين وقد تم من السابق اعتبار الجماعة محلولة وفاقدة لشخصيتها الاعتبارية والقانونية بقرار من محكمة التمييز؟!

للتذكير الجماعة كان لها شخصية قانونية غامضة كجمعية مرخصة بقرار من مجلس الوزراء عام 1946. بهذه الترخيص كانت الجماعة تمارس دورا مختلطا سياسيا ودينيا ودعويا وخيريا وتتبع لها مؤسسات وتحصل على الهبات والتبرعات وفاقت قيمة هذه الأصول والانشطة مئات الملايين من الدنانير. ولغايات قانون الأحزاب تم فرز اعداد من الجماعة لتشكيل حزب جبهة العمل الاسلامي. هذا الى ان طلبت الحكومة تصويب اوضاع الجماعة لتصبح جمعية مرخصة وفق قانون الجمعيات كما هو حال مختلف الجمعيات وبينما بادر جناح للتجاوب مع طلب التصويب فإن قيادة الجماعة رفضت التصويب وفصلت الآخرين، ورفعت دعوى ضد قرار تحويل اصولها ومكاتبها للجمعية المرخصة، وقد حسم القرار القضائي التمييزي الأمر اذ اعتبر الجماعة محلولة وفاقدة لترخيصها ولشخصيتها القانونية.

لكن ذلك لم يترتب عليه أي اثر على الارض فقد استمرت الجماعة بالعمل دون حاجة للترخيص والاعتراف القانوني وبقيت تشارك باسمها في الانشطة السياسية ويطلق قادتها التصريحات وبقي حزب جبهة العمل الاسلامي ذراعا خاضعة للجماعة وكان القادة والكوادر يتنقلون حسب الحاجة بين الحزب والجماعة ومنهم المراقب العام الحالي للجماعة المهندس مراد العضايلة الذي اشغل قبل ذلك منصب الأمين العام لجبهة العمل الاسلامي.

الآن يأتي الكشف عن ضلوع عناصر يشغل بعضهم مواقع قيادية في الجماعة في مشروع بناء قاعدة تسليحية تتضمن تخزين متفجرات وتصنيع صواريخ ومسيرات في مواقع سرية مبنية خصيصا لهذا الغرض، ليعيد طرح السؤال عن وضع الجماعة وما العمل معها؟!

الجماعة كانت قد اعلنت سلفا علاقتها مع المعتقلين اذ اصدرت وروجت لنداء عاطفي على ابواب العيد لإطلاق سراحهم وان اعتقالهم جاء على خلفية انشطة دعم المقاومة. والعجيب أنه بعد ان اتضح ان هذه الأسماء متورطة في موضوع السلاح وبعد أن ادلوا باعترافات مفصلة عن تلقي التدريب والتمويل من الخارج. جاء رد الجماعة مباشرة ليدافع عن المتهمين ويقول ان هذه 'الاعمال الفردية' تأتي على خلفية دعم المقاومة. فلم تتنصل ولم تستنكر ولم تحسب الفرق بين التعبير السلمي القانوني والاقدام على اشد الجرائم خطورة مثل تخزين المتفجرات وصنع الأسلحة.

عدم معرفة قيادة الجماعة بهذه الانشطة لا تبرئها ولا تعفيها من المسؤولية اذ ان لعبة وجود تنظيم داخل التنظيم ونشاطات سرية غير مشروعة بالتوازي مع النشاطات المشروعة يمكن ان تندرج ضمن استراتيجية عليا تخدم نفس المشروع السياسي والحال ان بيان الإخوان يشي بهذا المشروع السياسي فوق الوطني الذي يتعامل مع الأردن كساحة من ساحات المشروع الجهادي كما هي الساحة اللبنانية لحزب الله الذي كان يخزن السلاح تحت شعار المقاومة ويستخدمه اداة ترهيب وتسلط على الداخل اللبناني.

هناك فرق بين ما شهده الاردن في حينه من انخراط عناصر مع تنظيمات ارهابية آفلة مثل داعش وغيرها وبين ما نشهده اليوم فنحن اليوم امام استخدام بيادق لبدء مشروع استراتيجي اقليمي بدأ في ذروة قوة ما اطلق عليه محور المقاومة (تعود اول ترتيبات مع هذه العناصر للعام 2021) وتم النظر الى الاردن بوصفه الهدف الأمثل والساحة الاخيرة والحاضنة المثالية حيث يملك الاخوان والاسلام السياسي اوسع قاعدة شرعية لا يجرؤ احد عليها. والدليل ان الجماعة وهي غير مرخصة ومحلولة قانونا استمرت تعمل بنفس الزخم واكثر كتنظيم سياسي وهيكل تنظيمي واستثمرت في مرحلة العدوان على غزة بوصفها امتداد المقاومة على الساحة الاردنية وبخطاب مزدوج حسب مقتضى الحال خطاب يريد الاردن ساحة حشد ورباط يمكن في اي لحظة فتحها للجهاد وخطاب يستدرك بالكلام الراشد الحريص على امن البلد واستقراره. وفي الاثناء يصل الأمر الى قيام عناصر مثقفة ومتعلمة وتشغل مناصب متقدمة في تنظيم الاخوان بالانخراط في مشروع بناء قاعدة مسلحة لا نعرف ما هو المشروع الذي تخدمه وتستخدم فيه.

سيأخذ القانون مجراه بالنسبة للمتهمين لكن اعتقد ان اللعبة بالنسبة للجماعة انتهت ولن يكون هناك مكان لغير العمل السياسي الوطني الشفاف والمشروع. يوجد اطار شرعي عامل تحت مظلة قانون الاحزاب هو حزب جبهة العمل الاسلامي يمكن ان ينتمي اليه من يشاء من اعضاء الجماعة ولا مجال اطلاقا لوجود حركة موازية تصر على العمل خارج القانون ثم يصل الأمر ان يمارس بعض كوادرها انشطة سرية اجرامية ضمن استراتيجية غامضة في اهدافها وارتباطاتها.

ارجح ان يكون القرار هو اعلان جماعة الاخوان جماعة محظورة ويترتب على ذلك أن عضوية التنظيم واي نشاط باسمه يكون مجرما ولن يكون هناك مراقب عام ولا اعضاء قيادة ولا شعب ولا اسر ولا مقرات ولا عضوية وارجح أنه حال صدور الاعلان ستقدم قيادة الاخوان على اعلان حل التنظيم نهائيا.