كتاب

حصننا منيع.. خاب مسعاكم

في وقتٍ نجحت فيه مخططات الإرهاب بزعزعة أمن واستقرار بعض الدول حول العالم، يبرز الأردن نموذجاً للوطن الذي يقف شعبه وقيادته وقواته المسلحة وأجهزته الأمنية صفا واحداً في مواجهة كل التهديدات، فشعبنا بكل مكوناته، يرفض أي مساس بأمن وطنه، ويجسد بوعيه وإصراره معنى التلاحم الوطني، مؤكداً أن أمن الأردن خط أحمر لا يقبل المساومة.

فمنذ عقود، أثبت شعبنا أنه حصن منيع ضد الفوضى، بفضل ثقافته السياسية الراسخة وقدرته على التمييز بين الخطاب الوطني والخطاب المضلل. اليوم، وبعد الكشف عن مخططات إرهابية تستهدف الوطن، يتجدد هذا التلاحم بصورته الأقوى، حيث يُدرك الجميع أن التحديات تتطلب وحدة الكلمة والموقف، فالأردن ليس أرضاً للمخططات الإرهابية، وشعبه لن يكون ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية أو الدولية، ولا يتردد الأردنيون في التصدي لكل محاولات الاختراق التي تستهدف النسيج الاجتماعي أو تُهدد الاستقرار الوطني.

واليوم، وبعد أن كشفت التحقيقات الأمنية واعترافات المتهمين عن محاولات خطيرة لاختراق الأمن الوطني عبر تصنيع المتفجرات والصواريخ والطائرات المسيرة، وتدريب عناصر إرهابية داخلية بالتعاون مع جهات خارجية، بهدف إشاعة الفوضى وترويع الآمنين، يثبت مجدداً أن هذه الأفعال ليست مجرد جرائم فردية، بل جزء من مخطط مُمنهج يستهدف إضعاف الدولة وتقويض مؤسساتها، لكن الأخطر في هذه المخططات هو ارتباطها بأطراف خارجية تسعى لتحويل الأردن إلى ساحة لصراعاتها، مستغلةً بعض أصحاب النفوس المريضة التي تبيع ولاءها لأجندات غريبة عن مصالح الوطن، هنا، لا بد من التأكيد أن شعبنا، بكل فئاته، يرفض هذه المحاولات جملة وتفصيلاً، ويُعلي قيمة الولاء للوطن فوق كل الاعتبارات.

الاعترافات التي قدمها الإرهابيون المعتقلون، بينت حجم الجرائم التي كانوا يخططون لها، بدءاً من استهداف المنشآت الحيوية، ومروراً بتهديد حياة المدنيين، ووصولاً إلى محاولات زعزعة الاستقرار الاجتماعي، بيد أن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو اعتراف هؤلاء بانتمائهم لجماعة «الإخوان المسلمين» المحظورة قانوناً، ما يؤكد دور الجماعة في تغذية الفكر المتطرف وتوفير الغطاء التنظيمي للأعمال الإرهابية.

هذه الاعترافات ليست مفاجئة، فالأردن سبق أن حذّر من خطورة الجماعات الدينية السياسية التي تتستر خلف شعارات براقة بينما تزرع الفتنة في الداخل، وهو ما يؤكد أن قرار حظر «الإخوان» لم يكن قراراً اعتباطياً، بل جاء نتيجة ممارسات متكررة تتعارض مع القانون والدستور، وتُهدد السلم الأهلي، رغم كل ما قدمته الدولة للجماعة عبر تاريخها الطويل.

وفي خضم هذه التحديات، يبرز دور الوعي الوطني كأداة حاسمة في إفشال المخططات الإرهابية، فالشعب الواعي هو الذي يفرق بين الحقائق والأكاذيب، ويدرك أن الاستقرار ليس منةً من أحد، بل ثمرة جهد يومي تقوده الدولة بمؤسساتها الأمنية والعسكرية، وعليه فإن الثقة في أجهزة الأمن وفي مقدمتها جهاز المخابرات العامة «فرسان الحق» ليست خياراً، بل واجب وطني، خاصةً في ظل إنجازاته المتلاحقة في كشف الخلايا الإرهابية وتفكيكها وإبطال خططها الإجرامية.

في المحصلة، إن الرسالة التي يُوجهها شعبنا اليوم للعالم واضحة: لن نسمح بالمساس بأمننا، ولن نتهاون مع من يسعى إلى زرع الفوضى، فالأردن بشبابه وشيبانه، برجاله ونسائه، باقٍ صامد كالجبال، يحمي راية الوطن ويذود عن مكتسباته، ولن يكون أبد الدهر ساحة للإرهاب ما دام شعبه يُحيط قيادته بسياج من الوعي والمسؤولية، فالتلاحم بين القيادة والمواطن هو الضمانة الحقيقية لاستمرار النهج التنموي الذي يحفظ للأردن أمنه واستقراره ومكانته الإقليمية والدولية.