في وطن لم يعتد الانحناء، وفي دولةٍ لا تنام عيونها إذا ما خُدش جفن الأمن أو ارتجفت كرامة السيادة، سطّرت دائرة المخابرات العامة الأردنية ملحمة جديدة من ملاحم الفداء والتضحية، وأجهضت واحدة من أخطر المخططات الإرهابية التي استهدفت النيل من استقرار المملكة الأردنية الهاشمية او سكينة أبنائها.
ليست هذه المرة الأولى التي يقف فيها «فرسان الحق» على حافة النار، لكنها واحدة من المرات التي كان فيها الخطر أقرب مما نتخيل، وأكثر تعقيدًا مما نتوقع. مجموعات مدفوعة بأجندات الظلام، تحترف صناعة الموت، وتُتقن هندسة الفوضى، عملت على تصنيع صواريخ وطائرات مسيّرة محمّلة بالكراهية، وسعت لتخزين مواد شديدة الانفجار، تمهيدًا لضرب الداخل الأردني بعنف غير مسبوق.
الأخطر من ذلك، أن هذه المجموعات لم تكن تتحرك عشوائيًا، بل وفق تخطيط محكم يتضمن تجنيد عناصر داخل الأردن، وتدريبهم خارج الحدود، في معسكرات لا يعلو فيها سوى صوت الحقد والكراهية، ولا يُرفع فيها سوى راية الخراب. لقد حاولوا التسلل إلى قلب الأردن، لكنهم اصطدموا بجدار المخابرات.. ذلك الجدار الذي لا يُخترق، ولا يُؤخذ على حين غفلة.
تمكنت الأجهزة الأمنية من كشف هذه الشبكة، ومصادرة ما بحوزتها من أدوات الموت، ومن صواريخ مجهّزة للإطلاق، وطائرات مسيّرة، ومواد متفجرة قادرة على إحداث دمار واسع النطاق. لكن النجاح الحقيقي لا يكمن فقط في ضبط تلك المعدات، بل في قراءة النوايا قبل أن تتحول إلى أفعال، وفي تفكيك المشروع التخريبي بكامله، بضربة استباقية أنهت كل شيء في مهده.
لقد جاءت هذه العملية لتؤكد أن الأردن ليس ساحة لتصفية الحسابات، ولا ساحة خلفية للمؤامرات. هنا دولة مؤسسة، قائمة على الاحتراف واليقظة والانتماء، وأجهزتها الأمنية ليست مجرد مؤسسات تقليدية، بل عقل وطني استراتيجي يعمل بصمت ويضرب بدقة، ويملك من الشرعية الشعبية والولاء ما يجعله في قلب الأردنيين جميعًا.
في هذا الوطن، لا مكان للخيانة، ولا تسامح مع من يهدد أمنه أو يعبث بثوابته. والرسالة التي خرجت من تحت رماد تلك المؤامرة تقول: الأردن عصيّ على الكسر، وكل من يحاول زعزعة أمنه سيُحبط، لا فقط بالرصاص، بل بإرادة لا تُقهر، وعزيمة لا تهتز، وولاء متجذّر في كل بيت وعلى كل جبهة.
التحية والتقدير لفرسان الحق، صُنّاع الأمن في زمن الفوضى، وحماة الاستقرار حين تتعالى أمواج الخطر.