كتاب

الامتثال في زمن التوترات: هل المؤسسات الأردنية مستعدة للجيوسياسة؟

في عالم لم يعد يعترف بالحدود الجغرافية في انتقال المخاطر، تفرض الجيوسياسة نفسها اليوم كلاعب رئيسي في بيئة الأعمال، حتى في الدول التي تنعم باستقرار نسبي كالأردن. فالأحداث الإقليمية والدولية لم تعد شأناً سياديًا بحتًا، بل أصبحت تؤثر بشكل مباشر على قرارات المؤسسات، وخصوصًا تلك المرتبطة بالتمويل والاستيراد والتصدير والتحويلات البنكية.المؤسسات الأردنية تواجه تحديات متزايدة في ظل بيئة سياسية معقدة تحيط بالمنطقة. بدءًا من العقوبات الدولية المفروضة على بعض الدول والكيانات، وصولاً إلى التغيرات في مواقف الشركاء التجاريين، وانعكاس كل ذلك على علاقات الأعمال والامتثال للمعايير الدولية.ولعلّ السؤال الذي يجب أن يُطرح بإلحاح: هل تأخذ مؤسساتنا هذا العامل بعين الاعتبار ضمن استراتيجياتها وخططها التشغيلية؟وهل تستثمر في بناء قدرات أقسام الامتثال والمخاطر لرصد وتقييم التهديدات الجيوسياسية، وتكييف السياسات الداخلية بما يتماشى مع هذه المتغيرات؟الامتثال لم يعد مجرد استجابة للوائح وقوانين، بل أصبح مهارة استراتيجية في قراءة المشهد السياسي الدولي، واتخاذ قرارات تضمن استدامة الأعمال وسلامة السمعة المؤسسية.ولعلّ ما يميز الأردن في هذا السياق هو موقعه الجيوسياسي الذي يشكل فرصة كما يشكل تحديًا؛ فإن أحسنّا قراءة الخارطة، قد نجد في التغير فرصة، وفي الأزمة منطلقًا لبناء أنظمة أكثر مرونة وقدرة على الصمود.إذا أردنا حقًا أن نحافظ على تنافسية بيئتنا الاستثمارية، ونعزز من ثقة الشركاء الدوليين، فعلينا أن ننتقل من منطق رد الفعل إلى منطق الاستباق فالجيوسياسة اليوم ليست خيارًا، بل واقع يفرض نفسه.Qosai90j@Gmail.Com