التحولات التي عاشها تنظيم اخوان الأردن لم تبدأ في فترة الربيع العربي بل من منتصف التسعينيات ولها تفاصيل كثيرة يعرفها أهل الخبرة لكنها تسببت بتحولات في مراكز القوى داخل الجماعة والتيارات المسيطرة وتأثير قوى اخوانية غير اردنية على تلك التيارات.
ورغم ان فترة ما يسمى الربيع العربي قدمت للاخوان درساً كبيراً ومهماً، وان عليهم ألا ينفعلوا في بعض المراحل ويتخلوا عن معادلة حفظت وجودهم في الأردن إلا ان التغيرات الداخلية ومواصفات من يقود الجماعة لم تجعلا لذلك الدرس مكاناً وأهمية في مسار الجماعة.
وشيئاً فشيئاً تحول نهج الاستقواء على الدولة إلى الغالب مع كل ازمة اقليمية تترك اثرها محلياً وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وللاسف فان جزءا من قيادة حماس في الخارج كانت ومازالت تتعامل مع اخوان الاردن على أنهم من ادواتها في ادارة مصالحها السياسية من تسخين للساحات او ضغط على الاردن، لان هذا التسخين لم يكن يشمل الدول الغارقة في علاقات مع اسرائيل لكنها تفتح ابوابها للاخوان وحماس.
اخوان الاردن ذهبوا بعيدا خلال فترة العدوان على غزة، وتعاملوا مع المرحلة على انها مواجهة مع الدولة وليست مناصرة لغزة، ولهذا نرى طبيعة مختلفة لكل ما تسميه الجماعة تضامنا مع غزة واصبح عنوانه استفزاز الدولة ومواجهة معها ومحاولة إرسال رسالة بان الجماعة هي من تحكم الشارع الاردني وتوجهه، وحتى فكرة الإضراب او العصيان التي لا تقدم لغزة اي شيء لكنها محاولة للقول ان من يوجه الدعوة لهذا وهم امتداد الاخوان في الخارج وايضا اخوان الاردن هم من يملكون السيطرة على الشارع الاردني.
وحتى دخول البرلمان حيث استفادت الجماعة من حرص الدولة على نجاح مشروع التحديث السياسي، فإنه عمّق لدى البعض فكرة الاستقواء واستعمال فائض القوة في الانتخابات في إظهار ندية مع الدولة بدلا من استثمار الواقع لبناء معادلة تحفظ استمرار الحالة الايجابية ومعادلة الجماعة مع الاردن.
القراءة الخاطئة ما زالت ترافق الجماعة خلال اكثر من عشرين عاما مع ان واقع الجماعة في المحيط وحتى في غزة والضفة يجب ان يدفع الاخوان الى مسار معاكس لما هم عليه اليوم لكن هذا لا يتناسب مع تركيبة صناعة القرار داخل الجماعة ومصالح بعض «اصدقائها» في الخارج.
حتى الآن ما زال قرار الدولة يؤمن بالاحتواء لكن الجماعة بما تفعل تضعف هذا التيار الذي ربما لا يجد منطقاً يدافع فيه عن خياره أمام مسار للجماعة يعطي قوة للمنطق الآخر.