كتاب

القول الفصل

في خطاب يضرب المثل في نزعته العملية والواقعية والمسؤولة، خاطب جلالة الملك القمة العربية المنعقدة في القاهرة بكلمة مقتضبة أتت خالية من التدبيج التقليدي، تعبيرًا عن رؤية سامية حكيمة تجاه ما تنتظره الشعوب العربية في لحظة تاريخية حاسمة وظروف دولية معقدة، ليرسي الملك في كلمته المبادئ الأربعة الأساسية التي يتوجب التمسك بها في هذه المرحلة والضرورة الملحة لاستحضارها في كل تحرك لتفويت الفرصة على مشاريع تسعى لاستثمار السياق العالمي من أجل فرض حلول تأتي على حساب الشعب الفلسطيني، وتعفي الجانب الإسرائيلي من جرائمه وانتهاكاته ومسؤولياته ليصدرها إلى الدول العربية وفي مقدمتها الأردن الذي بقي، قيادة وشعبًا، في حالة من التيقظ أجهضت المرة بعد الأخرى الطموحات الإسرائيلية بتصفية القضية الفلسطينية.

الكلمة الملكية رسمت الأولويات التي يتوجب أن تعمل المجموعة العربية على مراعاتها، بدءًا من رفض تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم، ومباشرة إعادة الإعمار في قطاع غزة لتمكين أبنائه من استئناف الحياة الإنسانية الكريمة، فالتأخير والمماطلة في ذلك، يضاعفان الخسائر في غزة وبين أهلها.

ويؤكد جلالة الملك على دعم السلطة الوطنية وتعزيز أدوارها على أن تمضي في مسيرة إصلاح لتتمكن من الاضطلاع بأدوارها في غزة والضفة الغربية، التي يحذر الملك من محاولات إسرائيلية مشبوهة لتفجير الأوضاع داخلها، وخاصة في هذه المرحلة، وكما جرت عادة اليمين الإسرائيلي الاحتكاكات في شهر رمضان الكريم.

وأكد الملك على الحل الوحيد العادل والمستدام الذي يجب أن يكون أساسًا للسلام المنشود في المنطقة، ففي جوهر الخطاب الملكي الذي يعكس خبرة عميقة في القضية الفلسطينية وأهميتها للمنطقة العربية ككل، فإن أي إجراءات تتجاهل أو تؤجل أو تماطل في منح الفلسطينيين حقوقهم المشروعة لن تلبث إلا أن تولد مشكلات وأزمات جديدة ستدفع ثمنها الأجيال القادمة.

أكد الملك بعد المبادئ الأربعة التي طرحها في كلمته التاريخية على ضرورة وجود خطوات عملية لدعم الأشقاء الفلسطينيين وتثبيتهم في أرضهم، والعمل على تخفيف المعاناة الإنسانية التي يعيشونها لتكون فعلًا عاجلًا يجب على المجموعة العربية أن تسعى لترجمته إلى إجراءات ملموسة لا تتحمل التأجيل.

أتى حديث الملك صادقًا ومباشرًا وصريحًا لا يعيد سردًا لحقائق أصبحت معروفة للجميع، ويطلب بمصداقية أن يتواصل العمل المخلص والجاد من أجل سلام عادل وشامل يحفظ للفلسطينيين حقوقهم التاريخية والإنسانية، ويضرب مثلًا بالفعل الأردني المتواصل في جهود العون والإغاثة المتواصلة منذ بداية العدوان على قطاع غزة متعهدًا بأن تستمر وتتواصل على الرغم من جميع الصعوبات والتحديات.