فكرة الترانسفير التي يقترحها ترامب قد تعرقل تحرير المفقودين
تاريخ النشر :
الأحد
11:37 2025-2-2
آخر تعديل :
الأحد
11:42 2025-2-2
طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
بقلم: تسفي برئيل
(المضمون: الرئيس الامريكي دونالد ترامب يعتقد أن نقل 1.5 مليون غزي الى دول اخرى سيحل المشكلات في الشرق الاوسط. ولكنه سيكتشف بسرعة أن «السوط الاقتصادي» الذي استخدمه في المكسيك وكولومبيا لا ينجح في الاردن ومصر–المصدر). المرحلة الثانية، المعقدة والقابلة للانفجار في المفاوضات حول تحرير المفقودين، يمكن أن تبدأ في الغد. عمليا، هي بدأت في الاسبوع الماضي عندما قام الرئيس ترامب بالقاء الى الساحة برميل مواد متفجرة، على شكل طلبه من مصر والاردن استيعاب حوالي مليون ونصف من الغزيين. مرتان كرر ترامب هذا الطلب، حيث أنه في المرة الثانية أكد على ثقته من أن هذا الطلب سيتم الرد عليه بالايجاب، لأن مصر والاردن تعتمد على المساعدات الامريكية. «مصر والاردن ستفعل ذلك، ستفعل ذلك، أليس كذلك؟»، قال. «نحن نفعل الكثير من اجلها وهي ستفعل ذلك». يبدو أن ترامب على قناعة بأن السوط الاقتصادي الذي يستخدمه ضد كولومبيا والمكسيك استخدامه ايضا في الشرق الاوسط. ولكن أمس، في مؤتمر قمة وزراء الخارجية العرب الذي عقد في القاهرة، وقف امامه «سور الدفاع» العربي. فقد اوضحوا له (ولجوقة المشجعين في اسرائيل) بأنه ليس فقط دول الهدف المباشرة في خطة الترانسفير له، مصر والاردن، لا يخطر ببالها استيعاب فلسطينيين من غزة من اجل أن تقيم على اراضيها «دولة واحدة لشعبين». السعودية، قطر ودولة الامارات، التي مع مصر والاردن تشكل المحور المؤيد لامريكا/، وهو الاساس الذي تعتمد عليه امريكا واسرائيل لتأسيس «حلف ناتو الشرق الاوسط، رفضت بشكل حازم هذه الفكرة. آلاف المصريين الذين تظاهروا قرب معبر رفح وهتفوا بشعارات ضد «التهجير» لسكان غزة، لم يستقظوا في الصباح ويقرر بشكل عفوي التعبير عن موقفهم. في مصر المظاهرات الكبيرة محظورة قانونيا، لا سيما في منطقة تعتبر من المناطق المحمية جدا في مصر، منطقة الوصول اليها بحاجة الى عدة تصاريح من المصريين. ولكن رغم أن الامر يتعلق بمظاهرة بادرت اليها الشرطة إلا أنها تعبر عن شعور أصيل للجمهور المصري الواسع، وهو الجمهور الذي يتماهى مع معاناة الفلسطينيين ويؤيد الحل السياسي، لكن ليس على حساب مصر أو حساب مواطنيها. بالنسبة لمصر فان نقل مليون ونصف فلسطيني الى اماكن سكن ثابتة فيها يعتبر ايضا تهديد أمني خطير. ليس فقط أن المظاهرات المؤيدة للحكومة يمكن أن تتطور وتصبح مظاهرات جماهيرية لا يمكن السيطرة عليها، بل ان اقامة مستوطنة منفى فلسطينية في شبه جزيرة سيناء يشكل ارض خصبة لازدهار بؤر متطرفة جديدة. التهديد على الاردن اخطر، وحسب ادراك الأردن هو تهديد وجودي حقيقي. واضافة مئات آلاف الفلسطينيين يعني أن الاردن يمكن أن يصبح الدولة الفلسطينية البديلة. هذه التهديدات يتم فحصها الآن ازاء تهديد ترامب الذي يلمح اليه بشأن التزام الاردن ومصر كمقابل للمساعدات الامريكية. مصر والاردن في الحقيقة تعتمد بشكل كبير على هذه المساعدات، ويوجد للتهديد بالمس بها وزن في قرارات الدولتين. ولكن المس المتوقع بالمصالح الوطنية والوجودية لها يمكن أن يكون اثقل. من هنا فان اهمية مشهد التضامن أمس في القاهرة، الذي وقفت فيه الدول العربية الغنية الى جانب الاردن ومصر، كأنها ارادت القول بأنه اذا كان ترامب يلوح بسوط المساعدات الاقتصادية فانه سيكون هناك من يمكنه أن يحل محله. ليس من نافل القول التذكير بأن الدول الثلاثة الرائدة، السعودية ودولة الامارات وقطر، تستثمر عشرات مليارات الدولارات في الشركات والعقارات في الولايات المتحدة. وحتى أن السعودية اعلنت عن نية استثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة في فترة ولاية ترامب، وهكذا فان التهديد الامريكي المس بالتمويل يمكن أن يتبين أنه سيف ذو حدين. ولكن الاموال، كما هو معروف، ليست كل شيء. فعندما يحول ترامب اخلاء غزة الى منافسة مع الاردن ومصر، فان السعودية يمكنها استخدام ايضا ورقة التطبيع مع اسرائيل من اجل «اقناع» ترامب بالنزول عن الشجرة. نحن لا نحتاج الى تخيل سيناريو أكثر خطورة مثل تجميد اتفاق السلام بين مصر الاردن والامارات، وبين اسرائيل. ولكن اذا ظهر أن اسرائيل ستكون المسؤولة عن نكبة فلسطينية جديدة، فان التطلع الى انشاء واقع جديد في الشرق الاوسط يمكن أن ينتقل الى ارض الاحلام. حتى لو افترضنا للحظة أن مصر والاردن ستوافق على استيعاب لاجئين من غزة، وأن الدول العربية الغنية ستقوم بتمويل عملية التوطين من جديد، وتمويل تواجد الفلسطينيين هناك لفترة طويلة، فكيف ستتصرف اسرائيل اذا رفض سكان غزة ركوب الحافلات و«الهجرة بشكل طوعي»؟ هل الإجراء عندها سيشبه ما حدث مع الارمن من تركيا أو الاجتثاث بالقوة لملايين سكان القوقاز في فترة ستالين؟ أو طرد الالمان من بولندا في السنوات التي اعقبت الحرب العالمية الثانية؟. الاجابة على هذه الاسئلة يمكن أن تؤدي باسرائيل الى مكان مخيف، ويمكن الأمل في أن الكابح العربي سينجح في شطب هذه الفكرة من جدول الاعمال. المشكلة الفعلية هي أن الانشغال بفكرة الترانسفير وكأن الامر يتعلق بخطة قابلة للتنفيذ وموجودة على الباب، تُبعد وتقمع ضرورة مناقشة قصية ادارة قطاع غزة وتهدد تنفيذ المرحلة الثانية في اتفاق اعادة المفقودين. في هذه الاثناء استكمال الاتفاق واعادة جميع المفقودين يلزم اسرائيل ليس فقط بوقف الحرب، بل ايضا تجنب استئنافها والانسحاب من قطاع غزة والبدء في مناقشة اعادة الاعمار هناك. ولكن عندما تكون موضوعة على الطاولة فجأة فكرة الترانسفير فان المطالبة بالغائها يمكن أن تصبح شرط اساسي آخر تقوم حماس بطرحه، الامر الذي سيجعل كل المفقودين رهائن من اجل سلامة جميع سكان غزة ومستقبل القطاع. لكن في هذه المرة حماس يمكنها الاستناد الى الشرعية التي ستعطي طلبها الموقف العربي الشامل، الذي بمجرد محاربته للترانسفير فانه يرفع غزة من مكانة مشكلة انسانية محلية الى تهديد أمني وجودي للعرب. الاتفاق القائم عندها يمكن أن لا يكفي من اجل تحرير كل المفقودين. اسرائيل حينها يجب عليها اجراء مفاوضات، ليس فقط على هوية السجناء الفلسطينيين الذين سيتم اطلاق سراحهم في المرحلة الثانية في الاتفاق، وعلى عمق الانسحاب من القطاع، بل على طريقة ادارة القطاع، من اجل وضع كابح امام تطبيق فكرة الترانسفير. على هذه الخلفية اسرائيل ستجد صعوبة ايضا في تبرير استئناف الحرب من اجل انهاء تدمير حماس، بدون الاعتراف بأنها تتنازل عن حياة المفقودين الباقين، خاصة بعد أن ثبت بأن الاتفاقات، الضمانات والضغوط السياسية، هي التي أدت الى تحرير المفقودين حتى الآن وليس الضغط العسكري. لكن المعنى هو أنه حتى لو تم تحقق هدف استئناف الحرب، وآخر رجال حماس تمت تصفيته مع آخر مفقود، فانه حتى الآن لم يتم ايجاد حل لادارة القطاع وادارة حياة الـ 2.25 مليون فلسطيني الذين يعيشون فيه. (هآرتس)