بالأمس، وبعد زيارة ملكية تفقدية خرجت من عمان إلى غزة أكبر القوافل الإغاثية لتكون أول خطوة عملية في تعزيز مكتسبات وقف إطلاق النار الذي أنهى عدوانًا وحشيًا اقترفه الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، ولم يكن ثمة جديد في التحرك الأردني المشهود له بأنه يسبق الجميع بخطوة، فكما افتتحت الإنزالات الجوية الأردنية بوابة المساعدات لأهل القطاع، تأتي القوافل البرية في وقتها المناسب والغزيون على مشارف استئناف حياتهم من جديد، وحتى كتابة فصل جديد من تاريخ المنطقة.
صمد الأردن بقيادة ملكية آلت على نفسها أن تتمسك بالثوابت والمبادئ في مرحلة صعبة ومضطربة من تاريخ المنطقة، وكان للأردن دوره الكبير والمشهود في إفشال مخططات التهجير التي بقيت رهانًا إسرائيليًا تتواصل الحرب لأجله، وسعت الدبلوماسية الأردنية لتحمل الصوت الفلسطيني في الفترات التي شهدت تضييقًا على وجهة النظر الفلسطينية وحصارًا على الناطقين بها.
وخاضت القيادة الأردنية معركة من خلال أدواتها الدبلوماسية والسياسية، سخّرت فيها علاقاتها الدولية والعربية، لتمثل جدارا استناديا للفلسطينيين الذين وجدوا أنفسهم هدفا لليمين الإسرائيلي المتطرف يتحرش بهم ويطارد طموحاتهم المشروعة في العيش بحرية وكرامة.
تضع الحرب أوزارها في القطاع لكن المواجهة مستمرة، والأردن الذي كان شريكا في المسيرة الصعبة المحملة بالأزمات والضغوط يستعد لأن يخوض وبكل شجاعة التبعات القادمة لهذه الحرب ويواصل جهوده دفاعا عن حقوق الشعب الفلسطيني وفي مقدمتها تأسيس الدولة الفلسطينية التي تليق بنضالات الشعب الفلسطيني.
وأمام مرحلة جديدة من الأوراق المكشوفة التي يطرحها الرئيس ترامب، يستجمع الأردن أوراقه في المقابل، ويطرح وجهة نظره الواضحة والمسؤولة والمتوازنة، ويقف على أرضية خبرة تاريخية متجذرة في الصراع العربي- الإسرائيلي، تتكامل مع مواقفه واتصالاته التي تشكلت أثناء الحرب على غزة، وبناء جديد من المفاهيم لا يتناقض مع الثوابت لكنه يدرك التحولات العالمية المقبلة.
أدى الأردن على الدوام دوره ومسؤولياته تجاه القضية الفلسطينية، وكان الملك يوظف الدبلوماسية الأردنية بحكمة ليس من أجل المرحلة الراهنة ولكن من أجل المستقبل الذي يبدأ حقبة جديدة مع وقف إطلاق النار وبداية التفكير في مستقبل جديد للمنطقة سيكون الأردن شريكًا في صياغتها على الصورة التي تصبو وتتطلع لها الشعوب العربية جميعًا.
جملة القول، مثلما وقفنا إلى جانب الأشقاء الفلسطينيين ودعم صمودهم والتخفيف من معاناتهم ووقف العدوان عليهم، سنستمر بدعمهم لإزالة آثار وتداعيات العدوان الغاشم وبناء مؤسساتهم وصولاً إلى إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.